ما هي أصعب مهمّة يُمكن أن يتوَلاها الأهل؟ الجميع يتوافق بأن التربية هي من أصعب مهام الأهل. فلا أحد يمكنه إنكار مدى أهمّية التربية ودقّتها وصعوبتها. ولكن عندما نتحدث عن صعوبة، هذا لا يعني بأن التربية مهمّة مستحيلة، خصوصاً إذا كان الأهل على يقين بمراحل نموّ أطفالهم الفكري والإجتماعي والمعرفي.
التربية هي فن، يجب أن يتقنه الوالدين الذين يساعدان الطفل على التأقلم الإجتماعي، واحترام القيَم السائدة في بيئته. والتربية عادةً ما تقوم على ميزات الوالد والوالدة، ويكون أساسُها الحب والاحترام والانسجام العائليّ، ما يساعد الطفل على اكتساب القيم التي هي جوهر التربية.
تربية الطفل بشكل صحيح.
التربية الصحيحة تكمن في التفهّم والإصغاء. ويعني ذلك، بأن يرافق الأهل نموّ طفلهم الفكري والمعرفي. فبهذه الطريقة يفهمون تطوّره بنحوٍ صحيح، فلا ينتظرون منه القيامَ بما لا يناسب عمره. كذلك، على الأهل الإصغاء جيّداً للطفل، ما يساعدهم على فهم الولد وحاجاته من خلال المناقشة والمحادثة.
ومن التصرفات التي تساعد في تربية الأطفال بنحوٍ إيجابي، نذكر:
أولاً، معرفة الطفل جيداً: ما الذي يحبه وما الذي لا يحبه، وبذلك نستطيع مساعدته على تقليل نوبات غضبه. فبعض الأطفال يردّد عبارة “لا أريد” وكانه يقول “أنا موجود”. ويستخدم الطفل هذه الطريقة للفت نظرنا فقط، إلّا أنّ ردود فعل الأهل قد تختلف، ومنها ما يكون عنيفاً وقاسياً، إذ يجدون في رفضه تصرُّفاً خاطئاً.
في هذه الحال، على الأهل التكلّم مع الطفل عن الموضوع الذي يزعجه مباشرةً، أو مشاركته بنشاط يحبّه تراوح مدّته بين 10 و15 دقيقة والتطرّق خلاله الى الموضوعات التي تزعجه ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها.
ثانياً، منح الطفل وقتاً خاصّاً: يحبّ أن يكون الطفل محوَر الإهتمام عند أهله، وهذا أمرٌ طبيعي ومن حقّه. لذلك على الوالدين منح طفلهما كلّ وقتهما واهتمامهما لضمان تلقّيه تربية صحيحة وسليمة تناسب نموّه الفكري.
ثالثاً، إستخدام أخطاء الطفل وهفواته كقواعدَ تعلّميّة: كلّ غلطة وهفوة يرتكبها الطفل خلال النهار يمكن أن تكون درساً تعيلميّاً مهمّاً له. ومهمّة الأم والأب هنا تكون التفسير للطفل بنحوٍ مبسَّط وهادئ ومنطقي سبب خطئه، فيفهم نتيجة تصرّفه العشوائي.
رابعاً، تشجيع الطفل على إصلاح أخطائه، بعدما يكون قد كسر لعبة أو مَزّق ورقة أو كتبَ على جدار الحائط. ففي هذه الحال، عليه التعويض عن كلّ هذه التصرفات غير اللائقة. على الأمّ مساعدة الطفل على إيجاد حلول لتصرّفه المرفوض، فتسأله: «كيفَ سنُنظّف الحائط؟»… فإيجاد حلول للمشكلات، هي مهارةٌ اجتماعيّة يكتسبها الطفل في بيته وفي الحضانة، ثمّ في مدرسته.
خامساً، تشجيع الطفل على المشاركة في كلّ أنواع الأعمال المنزلية: فيُمكن أن تطلب من طفلها البالغ 7 سنوات، المشاركة في تنظيف غرفته إنطلاقاً من مبدأ تعزيز حسّه بالمشاركة والشعور بالمسؤوليّة.
سادساً، تنمية شعوره بالمسؤولية: حيث نجعل الطفل مسؤولاً عن نفسه، خصوصاً في المرحلة التي يسعى فيها الى فرض شخصيته ووجوده ويحاول التحرّر من السيطرة والسلطة المفروضتين عليه.
سابعاً، تنمية ثقة الطفل عن طريق تشجيعه وتهنئته: وهذه ميزة مهمة جداً، تساعد الطفل على التقدّم، حتّى لو كان تقدّمه بسيطاً وصغيراً. فعندما يبدأ بالمشي، يؤدّي تشجيعه ودعمه إلى تنمية ثقته بنفسه لكي يسير بنحو أفضل لاحقاً. وعلى الأهل استبدال جملة «لا تستطيع أن تقوم بذلك»! بكلمة «حاول»، لتشجيعه على أداء بعض المهمّات وتنمية شخصيته وضمان تقدُّمه على الصعيدَين الفكري والمعرفي.