يلاحظ بعض الأهل، بأنّ طفلهم الذي بلغ الثالثة من العمر، يتكلم لوحده ويلعب بطريقة غريبة وكأنه يلعب مع ولد آخر. وعندما يسألونه “مع من تتكلم؟” يفسّر لهم بكل ثقة “أنا ألعب مع صديقي” بالرغم من عدم وجود هذا الصديق. هذا ما يسميه علماء النفس بـ”الصديق الخيالي” عند الطفل الذي يظهر عادة عند الطفل البكر أوعند الطفل الوحيد أو الأصغر بعد إخوة وأخوات ، ولكن طبعاً هذه ليست قاعدة عامة.
يقلق الأهل كثيراً عندما يروا طفلهم يتكلم أو يلعب أو يحادث صديقه الخيالي، ولا يتقبلون عادة هذه الواقعة التي تكون عادة طبيعية وموجودة عند كل الأطفال. ومن المعلوم بأنّ هذا الصديق الوهمي يختفي بعد دخول الطفل إلى المدرسة أو بعد تقدّمه بالعمر حتى عمر السادسة حيث يعبر الطفل بأنّ صديقه قد سافر بعيداً أو ذهب في رحلة مع أبويه وهنا يقدّر بأنّ الطفل قد نضج ويكوّين أصدقاء من صفه.
ما الاهمية النفسية للصديق الخيالي؟
الصديق الخيالي هو نوع من اللعب عند الاطفال، تتداخل فيه المخيلة الخصبة عند الطفل، بحيث يصبح فيه شخص أو حيوان متخيل جزءاً فاعلاً في حياته، وعندما تتم مواجه الطفل بالحقيقة، يتخذ هذا الأخير موقفاً دفاعياً ويدعي أن هذا الصديق لا أحد يستطيع أن يراه، فهو صديق خفي.
وعادةً يكون هذا “الصديق” ملموساً في البداية (دمية – لعبة – دبّ من قماش) ويتحوّل بعدها إلى شخصيّة غير مرئية تلازم الطفل في كل أوقاته: لعب وأدائه لواجباته المدرسية، وتناوله لطعامه وحتى في نومه.
ومن خلال القصص التي يسردها الطفل لأمه أو لأبيه، عن صديقه الوهمي، يمكن التعرّف على مخاوف أو تطلعات الطفل وما يساوره من قلق. لذا لهذه القصص، معان ودروس مهمّة جداً للأهل ويجب الإستماع لها ولكن ليس تشجيعها. وكل طفل يحتاج إلى صديق يتقاسم معه مشاعره ويفرغ انفعالاته وللتعبير عما يزعجه.
من هنا، تظهر تلك الظاهرة عند طفل من خمسة أطفال وتقل كلما صادقا الأبوين طفلهما.كما يلجأ الطفل إلى صديقه الخيالى لتجنب فعل أمر لا يريد هو فعله أو للتمييز بين الصواب والخطأ.
ويساعد الصديق الخيالي على تخطى المواقف الصعبة مثالاً: اليوم الأول من المدرسة أو زيارة الطبيب، أو مشاجرة بين أهله أو قلق من موقف ما. وبهذه الحالة يساعد الصديق الخيالي بخلق بيئة آمنة يتعلم من خلالها مهارات حل المشاكل خاصة عندما يدور حديث بين الطفل وصديقه الخيالي الذي يحاول من مساعدته.
كما نجد بأنّ بعض الأطفال يطلبون من أمهاتهم طبق طعام لصديقهم الخيالي وهذا طبيعي أيضاً بما أن الطفل يهتم بصديقه الخيالي، ويساعد الصديق الوهمي أيضاً الطفل على التواصل مع الآخرين من خلال تطوّر المخزوم اللغوي عنده.
وأكدت في هذا المضمار بعض الدراسات، بأنّ الصديق الخيالي يساعد في نمو الطفل العاطفي وفي حلّ المشكلات التي يواجهها بطريقة منطقية مثالاً: إذا كان الطفل يخاف من زيارة الطبيب، الصديق الخيالي يشجع الطفل على عدم الخوف ويحاول التغلب على هذا الأمر من خلال صديقه الخيالي. كما يعطي الطفل على صديقه الخيالي صفات يفتقدها هو بنفسه متمنياً أن يحظى بها هو نفسه.
وعادة، لا يعتبر هناك مشكلة نفسية إذا كان الطفل يستمتع مع أطفال آخرين مثله باللعب. ولكن إذا إستمر الطفل في الإعتماد كلياً على صديقه الخيالي، فهنا يمكن التدّخل بطريقة بسيطة بينه وبين صديقه الخيالي.
كيف يتمّ التعامل مع الطفل وصديقه الخيالي؟
عندما يكتشف الأهل عن هذه الصداقة الغريبة التي تظهر ما بين طفلهما والصديق الخيالي، لا يجب أبداً المبالغة في ردّة الفعل كما لا يجب الإندماج كلياً في هذه المسألة حتى لا يعتبرها الصغير بانها مسألة حقيقية بل يجب أن يفرّق ما بين الخيال والعالم الحقيقي. ولا تعتبر مسألة خطيرة بما أنّ الصديق الخيالي لا يمنعه من تكوين صداقات أو اللعب مع الآخرين أو التناغم مع زملائه في الحضانة أو المدرسة. كما لا يجب تكذيب الصغير أو تعنيفه بل يجب مسايرة الطفل وسماع قصصه وقصص الصديق الخيالي.
وهنا بعض النصائح الصغيرة لمساعدة الطفل من تخطي صديقه الخيالي:
– إصطحاب الطفل للتعرّف على أطفال آخرين: أطفال الاصدقاء أو أطفال العائلة أو أطفال الجيران.
– تشجيع الطفل على اللعب مع أطفال من عمره في المدرسة او دار الحضانة.
– تخفيف من لوم الطفل إذا قام بشيء سيىء أي كسر مزهرية أو رسم على الحائط… بهذه الطرقة الطفل لا يلجأ إلى صديقه الخفي ليبعد عنه اللوم وربما قصاص ما.
– عدم الإستخفاف أو تحقير أو تكذيب الصديق الخيالي، لأنه هو الطفل ولكن بشكل خيالي ولكن أيضاً عدم المبالغة في معاملته.