يعيش في ألمانيا ما يقارب 80.000 شخص من الصم والبكم. لكن هؤلاء يملكون لغة خاصة بهم، يعتبرها من يتمتع بالقدرة على السمع والكلام مجرد وسيلة تساعدهم على التواصل فيما بينهم. لكن هذا لا يطابق الحقيقة تماما.
لا تقل لغة الصم والبكم ، أو ما يطلق عليها لغة التخاطب والإشارة، أهمية عن اللغات الأخرى كما أن لديها تركيبة متكاملة وقواعد لغوية أيضا، يتم دراسة خصوصياتها وتعلم استخدامها في جامعة هامبورغ الألمانية. داخل قاعة بيضاء في فرع تابع للجامعة في مدينة (باد آيزناخ) يحلل الطلاب النصوص التي كتبوها خلال الأسبوع الماضي ويناقشون دون الحديث، وإنما بلغة الإشارة. وحتى الحصة يدرسها أستاذ أصم وأبكم، وهو البروفيسور كريستيان راثمان، وهو أول بروفيسور أصم وأبكم في ألمانيا. أما الطلاب الثلاثة والعشرون، ليس بينهم سوى إثنين لا يستطيعان السمع والكلام.
لغة متكاملة
وترجع البروفيسورة ريناتة فيشر، نائبة رئيس معهد الدراسات اللغوية الألمانية للصم والبكم، قلة الطلاب الصم والبكم في الجامعات الألمانية لكون “التلاميذ الصم والبكم لا يملكون إمكانيات جيدة في المدارس لإنجاز امتحانات الثانوية العامة. ما يجعل عدد هؤلاء التلاميذ محدوداً للغاية”.
ويمكن للطلاب في معهد الدراسات اللغوية الألمانية للصم والبكم دراسة لغات الصم والبكم إلى جانب تخصصات ترجمة هذه اللغات، حيث يمنح المتخرجون شهادة البكالوريوس. وتشير ريناتة فيشر إلى أنه لا يتم إلقاء كل المحاضرات بلغة الصم البكم، كما أنه يتم ترجمة المحاضرات خلال هذه الحصص للطلاب الذين لا يستطيعون التكلم والسمع. فحسب قولها يوجد “جزء من الإشارات اللغوية التي يمكن للمرء تعلمها بسهولة. ثم هناك المستوى اللساني والثقافي. هنا يهتم المرء بتركيبة هذه اللغة وقواعدها. كما يتطرق هذا الجزء للجانب الأدبي ايضاً كالشعر والمسرح والرواية. إضافة إلى تاريخ لغة الصم والبكم وتطورها عبر السنين”.
خلال تحليل النصوص، يتضح أن لغة الصم والبكم لا تختلف كثيرا عن اللغات الأخرى، كاللغة الألمانية مثلا. فبعد التعرف على قواعد اللغة خلال الفصل الأول يدرس الطلاب لسانياتها خلال الفصل الثاني. ويدخل في إطار ذلك كيفية التعبير الآني باليدين والوجه وحركة الجسد.
التواصل مع الآخرين دون مترجم
الطالبة طورة هوبنر هي أحد هي طالبة لا تستطيع السمع والكلام. لكنها رغم ذلك تفضل أن تتواصل مع الآخرين دون التوجه إلى مترجم، كما هو الحال مثلا عندما تطلب كابوتشينو في مطعم الجامعة، كما تقول. فهي تستطيع أن تكتب ما ترغب في قوله، “لكني أرى في بعض الأحيان أنه يمكن تبليغ بعض إشارات لغة الصم والبكم ببساطة للآخر إذا لم يكتب المرء ماذا يريد قوله، أو إذا اكتفى بجزء من ذلك فقط.” ثم تضيف: “فإذا تقدمت بالشكر مثلا، مستخدمة لغة الصم والبكم، فأغلب الناس يفهمون ذلك، وهذا ما يسعد البعض أيضا”.
الطالبة طورة البالغة ستة وعشرين عاما، عبرت عن هذه الأفكار باستخدام الإشارات فقط، ثم قامت زميلة لها بالترجمة. وتطمح طورة إلى العمل كمربية أو كمعلمة للأطفال الصم والبكم. في حين يؤهل تخصص دراسة لغات الصم البكم للعمل في المجالات الاقتصادية أو الصحافية أو في المجالات الاجتماعية. وأيضا في ترجمة لغات الصم والبكم، التي تختلف من بلد لآخر.
هذا ويمكن للطلاب الأجانب التقدم أيضا لدراسة علوم لغة الصم والبكم في جامعة هامبورغ، كما أن شروط التقدم لا تختلف عن شروط دراسة التخصصات الأخرى.
المصدر : DW