تقع على الآباء والأمهات مسؤولية متابعة صحّة أطفالهم الجسدية والنفسية عن كثب كما عليهم أن يكتشفوا مهارات أطفالهم وتنميتها.
ويَقين الأهل وملاحاظاتهم لأولادهم تُساعدهم على اكتشاف العبقرية عند أطفالهم. وعندما نتكلم عن العبقرية ليس الذكاء العادي بل هي “كفاءة طبيعية لشيء ما” مثلاً فهم ودراسة الحساب بطريقة سريعة جداً، أو العبقرية هي “القدرة المبدعة بشكل عام” من خلال التمييز في المدرسة مثلاً…
ولكن كيف يمكن إعتبار هذا الطفل عبقرياً؟ وكيف يمكن للأهل مساعدته وتطوير عبقريته؟
يجب معرفة بأنّ نسبة العبقرية عند الاطفال لا تتخطّى أكثر من 2-3 % من المجموع العام. ويكون حاصل ذكاء هؤلاء الأطفال يزيد على 135 أو 140 نقطة. وأثبتت دراسات أنّ غالبية الأطفال الموهوبين لا ينتمون بالضرورة إلى عائلات ميسورة أو متميّزة اجتماعياً وإقتصادياً. وبالرغم من أنّ هناك بعض الدراسات أكدت بأنّ كلما يكون الطفل مرتاحاً، كل ما كان هناك فرصة أن يكون عبقرياً، لذلك فللعبقرية جوانبها البيئية والوراثية.
وفي علم النفس لا يمكننا أن نعتبر بأنّ الطفل متفوّق نتيجة محصوله الدراسي، فالاطباء يُعيدون العبقرية والتفوّق إلى العوامل الوراثيّة، التي تكون عادةً وليدة نشاط غير طبيعي للفرد، خصوصاً الغدّة النخامية والغدة فوق الكلية والغدة الصنوبرية، فهذه الغدد تُساهم في تنمية القدرة العقلية أو تعطيلها.
كيف يمكن للأهل ومن ثمّ المدرِّس في المدرسة ومن ثمّ العالم النفسي التربوي من إكتشاف هذه الميزة عند الطفل؟
1- عند الاهل في البيت، يبدأ الطفل عادةً بالقراءة قبل الالتحاق بالمدارس، ويتعلّم بنفسه الأحرف ثمّ الكلمات من دون مساعدة أحد من الوالدين. ويمتلك قوّة ملاحظة غير عادية وقدرة على التركيز وتحليل الأشياء واستخلاص النتائج ومخاطبة من أكبر منه سناً .كما نلاحظ عند هؤلاء الأطفال شهوة نحو الكتابة كما يتحملون مسؤوليات أكثر من أقرانهم وتكون تصرفاتهم أنضج من عمرهم.
2- في المدرسة، يلاحظ المدرس بأنّ الطفل العبقري يستوعب أكثر وأسرع بكثير من التلامذة الآخرين. كما أنه يتقن المبادىء الاساسية بشكل أسرع من الأطفال. ولكن هذا لا يعني أنه لا يواجه مشاكل يعاني منها، ومن أهم هذه المشاكل: الملل من الدرس لأن مستوى الذكاء عنده أعلى من مستوى درسه. كما يمكن أن يعاني من العصبية وعدم الاستقرار، حيث يشعر دائماً بأنَّ مستواه في التفكير يختلف عن أقرانه في الصف.
3- أما عند العالم النفسي التربوي، فيكتشف العبقرية عند الطفل من خلال إختبارات يمكن أن تحدِّد مقياس الذكاء (اليدوي، الفكري، الإجتماعي، اللفظي…)
كما يلاحظ عالم النفسي التربوي بانّ الطفل يبدي إهتماماً كبيراً بما يدور من حوله ويحاول الطفل بالرغم من صغر سنّه بالمشاركة في الأحاديث وإعطاء رأيه ووجهة نظره مع الكثير من التحاليل التي عادةً تتخطى عمره الحالي. أما على صعيد الإدراك المعرفي والإدراك اللفظي يكون متقدمًا أكثر عند الأطفال العباقرة.
ما هو دور الوالدين عندما يتأكدوا بأنّ طفلهم “عبقري” أو محصوله الذكائي مرتفع؟
1 – يجب أن يختار الأهل المدرسة المناسبة لولدهم ويعني ذلك، أن تقدّم المدرسة لتلاميذها النشاطات التربوية والرياضية.
2- ينبغي على الأهل إكتشاف وتنمية موهبة طفلهم دون أن يدفعوه إلى الغرور. كما أنّ الأهمال لذكاء الطفل ممكن أن يؤدي الى ذبول هذه العبقرية التي تحتاج للرعاية والاهتمام حتى تكبر وتزدهر وتصل الى اقصى مداها منذ الصغر.
3- في معظم الحالات، يشعر الطفل العبقري بالملل وضيق الخلق لذا يجب على أهله أن يسلّونه من خلال النشاطات الفكريّة كشراء كتاب أو استعمال الحاسوب (الكمبيوتر) والجسديّة مثل الرياضة.
4- الإبتعاد قدر الإمكان عن الإنتقاد والتوبيخ لكثرة أسئلة طفلكم “العبقري” التي يمكن أن تكون أسئلة محرجة أو غير ملائم لعمره، بل يجب أن يتحلّوا الوالدين بالهدوء وأن يجيبوا على جميع أسئلة طفلهم بكل احترام وتقدير وبطريقة علمية موضوعية.
5- إذا تمّ تشخيص نسبة ذكاء إبنهم بأنّها تتخطى النسبة الطبيعية لعمره، لا يجب على الأهل أن يضخمّوا أو أن يبالغوا في ردّة فعلهم، حيث نرى بعض الأهالي ينصبوا كل إهتمامهم لطفلهم “العبقري” ويجلبوا له “بطريقة هيستيرية” الكتب والمجلات… التي يمكن لا تتلائم مع عمر الولد وحاجياته وتطلعاته، بل يجب أن لا ينسوا بأن طفلهم هو “طفل” بحاجة للعب والتسلية كباقي الأطفال، وبالتالي فتصرّفاتهم العشوائية غير الناضجة يمكن أن تصيب الطفل بالعصبية والضيق والاكتئاب.