المجلس العالمي للتسامح والسلام

هل من حدود للتسامح؟‏

تعصف بعالمنا رياح التعصب,‏ وتؤجِّجها العنصرية والتحامل العرقي والقومية والقبلية والتطرف الديني وغيرها.‏ يقوِّي الغفران والتسامح العلاقات السلمية ويساعداننا على تقبُّل الآخرين.‏ ولكن هل من حدود للتسامح؟‏

تتميز الديانتان المسيحية والاسلام بالرسالة السماوية الممتلئة تسامحا، فمثلما جاء في الكتاب المقدس عند المسيحيين آيات تحفّز على السلام والتسامح والغفران, كذلك في القرآن الكريم. والآيات المتبعة هي مجموعة وصايا وتعاليم أخلاقية وروحية تكفل العدالة بين الجميع وتدعو إلى الارتقاء الأخلاقي والسمو الروحي والتحضر السلوكي في التعامل مع الآخر.

يفترض أن التسامح مفهوم مطلق طالما كان متعلقاً بالأفكار والرؤى الفكرية ولكن حقيقة الأمر أن هناك قيوداً يضعها الإنسان عادة ليحد بها من المفهوم الواسع للتسامح ليدخله في أسر مفاهيم مضيقة تحاول أن تبقيه تحت سيطرتها مثل مفهوم الثوابت من منطلقات دينية وطنية أو قومية أو حتى إنسانية.

ولعل الثابت من المنطلق الديني في البلدان الأقل نمواً هو أكثر هذه الثوابت حدة وصراعية وأكثرها الحاحاً وله آثاره الواضحة على حياة الناس الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية فالأمنية. والتسامح لا يتحمل وجود أي ثابت طالما تعلق الأمر بالعلاقة الفكرية الجدلية أي العلاقة بين المتحاورين حول مبادئ أو قيم معنية ولهذا لا حدود للتسامح مطلقاً.

جاء في القرآن:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة 2 :178-179).

وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (فصلت 34:41).

وجاء في الانجيل:

“لكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ. مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضًا. وَكُلُّ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَخَذَ الَّذِي لَكَ فَلاَ تُطَالِبْهُ” (لوقا 6 :27-30).

“سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ. سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ” (متى 5 :38-44).

 

قد يعجبك ايضا