المجلس العالمي للتسامح والسلام

طفلك والألعاب الإلكترونية

د. أنطوان الشرتوني

 

من منّا لم يستمتع بألعاب الفيديو والكومبيوتر عندما كنّا صغار. ولكن عندما تتخطى المعقول وتستحوذ على عقول أطفالنا وتسيطر على تصرفاتهم وتصبح ضمن حياتنا اليومية ، هنا يدق ناقوس الخطر. فقد انتشرت هذه الألعاب بسرعة هائلة في مجتماعاتنا، ولا يخلو بيت منها حتى أصبحت جزءًا من غرفة الطفل والهدية المحببة لقلبه كما أصبحت هذه اللعبة الإلكترونية تُصْطَحَبْ مع الولد أينما ذهب. فهل يمكننا أن نسمي ذلك إدماناً؟

لا يمكننا من إلغاء الجوانب الإيجابية للألعاب الإلكترونية، فهي تنمي مهارات الدقة والتركيز عند الطفل كما أنها تملأ وقت فراغه وهو يمارس ألعاب رياضية وحسابية، وألعاب الذاكرة وتنشيط الفكر، وألعاب التفكير الإبداعي. كما تنمي الألعاب الإلكترونية خيال الطفل وتساعده لإيجاد حلول كما تساعده على التخطيط والتعامل مع المواقف التي قد تكون غير معتادة ومعقدة وتعلمه الصبر وتكرار المحاولات لتحقيق الفوز والانتصار.

وعلى الرغم من إيجابيات ممارسة الألعاب الالكترونية في تنمية خيال الطفل ومهاراته العقلية والإبداعية إلا أنها تنطوي على العديد من المخاطر التي تنقسم إلى قسمين، مخاطر صحية ومخاطر نفسية وسلوكية.

المخاطر الصحية : تؤثر الألعاب الإلكترونية سلبًا على صحة الأطفال. فأغلبيتهم يعانون من آلام الرقبة بسبب وضعية الرأس وهم يلعبون، كما يصابون بضعف النظر نتيجة تعرضهم لمجالات الأشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة من شاشات الكومبيوتر التي يجلسون أمامها ساعات وساعات أثناء ممارستهم اللعب.

أما بالنسبة لسوء التغذية، فالأطفال الذين يتمسكون بألعابهم الإلكترونية، نراهم لا يشاركون أسرهم في وجبات الغذاء والعشاء بل يأكلون الأكل السريع وغير الصحي في أوقات غير مناسبة للتغذية وطبعاً ذلك سيؤدي إلى مشاكل صحية ليس فقط المدى القريب، بل أيضاً على المدى البعيد. فستظهر حالات البدانة خاصةً عند الأطفال الذين يمضون أكثر من 4 ساعات مسمرين أمام شاشات الكومبيوتر. كما أثبتت البحوث العلمية بأنّ الأطباء يابانيون أثبتوا بأن الأضواء المنبعثة من الشاشات (الكومبيوتر أو التلفزيون) تسبب نوعًا من الصرع.
المخاطر النفسية: من المعروف بأن الألعاب الإلكترونية التي إجتاحت جميع المجتماعات، تقدر ارباحها بملايين ملايين الدولارات. ولم تعد هذه الألعاب فقط حكراً على الأطفال فحسب بل على الشباب والراشدين أيضاً. ولكن هل جلوس الطفل أمام شاشة الكمبيوتر والتلفاز يجعله منعزلاً ؟

على الصعيد النفسي- الإجتماعي، الجلوس أمام التلفاز والكمبيوتر لا يصنع طفلاً غير اجتماعي فحسب بل يجعل كل تفكيره منصب على اللعبة التي يحاول وبشتى الطرق أن يربح.

أظهرت دراسة دانمركية أن ألعاب الكمبيوتر لها أضرار كبيرة على سلوك الطفل وتصرفاته العلائقية، فقد يتعرض الطفل إلى إعاقة نفسية واجتماعية إذا أصبح مدمنًا على ألعاب الكمبيوتر.
ومن سلبيات الألعاب الإلكترونية هي تعزيز العنف عند الطفل. فأثبتت الأبحاث التي أجريت في العديد من مختبارات النفسية في جامعات أوروبا بوجود علاقة بين السلوك العنيف للطفل ومشاهد العنف التي يراها خلال لعبه. فبسبب المحتوى للعنف المتكرر في الألعاب، فالسلوك العدواني والأفكار العدوانية ستظهر في تصرفات الطفل حيث هناك تأثير قوياً للألعاب الفيديو على سلوك الطفل وعلى أفكاره.

وجميع الألعاب الإلكترونية تحتوي على العديد من المشاهد القتل والدمار ومشاهد عنف… يراها الطفل وطبعاً يتفاعل معها وبالتالي يتأثر بها وتغيير من تصرفاته كما تغيير من إدراكه لمواجهة المشاكل التي تصادفه ويحلها بالعنف.

أما على الصعيد التحليلي، الألعاب الإلكترونية تجعل من الطفل، طفلاً أنانيًا لا يفكر في شيء سوى إشباع حاجاته من هذه اللعبة، مما تظهر المشكلات بين الإخوة الأشقاء حول من يلعب؟ على عكس الألعاب الشعبية الجماعية التي يدعو فيها الطفل الاصدقاء كلهم للعب معه. وبيّنَتْ الدراسة أن الطفل الذي يعتاد على النمط السريع في ألعاب الكمبيوتر قد يواجه صعوبة كبيرة في الاعتياد على الحياة اليومية الطبيعية.

إذا المخاطر النفسية كثيرة، يمكن ذكرها بالشكل التالي:

– توليد نزعة العنف ونزعة الجبن لدى الأطفال

– الألعاب الإلكترونية تبعد الأطفال عن الحياة الواقعية

– تولد عند الأطفال التوتر النفسي

– كما تؤثر هذه الألعاب على معدلات النوم للأطفال

– وتأثيرها واضح على الانتباه لدى الأطفال نتيجة استمراره لفترة طويلة بالتركيز على اللعبة

– وأخيراً ظهور ما يعرف بفرط الحركة


الحلول:

  • الحلول تبدأ من المنزل، لا بد أن يحدد الوالدين فترة زمنية للعب بالاتفاق مع طفلهم (مثلاً ساعة واحدة ثلاث مرات أسبوعياً)، حتى لا يستغرق الطفل وقتاً طويلاً في اللعب، قد يؤدي لإدمانه لها.

كما تستطيع الأم التقرب من الطفل من خلال محاولة التحدث معه عن اللعبة التي يحبها واكتشاف سبب تعلقه بها ومن ثم مشاركة الطفل تلك اللعبة لإحياء روح الصداقة بداخله من جديد

  • تشجيع الأطفال كذلك على ممارسة التمارين الرياضية التى تحافظ على رشاقة أجسامهم وتخرج الطاقة الكامنه بداخلهم في شئ مفيد
  • النظر على غلاف كل لعبة قبل شرائها واختيار ماهو مناسب لعمر وعقل الطفل داعية إلى تشجيع الأطفال على ممارسة الألعاب التي تنمي الذكاء والإبداع وعدم الاقتصار على الألعاب الترفيهية.
  • تشجيع أطفالهم على الألعاب الجماعية بدلا من الفردية ليكون لديهم حب المجتمع و الأصدقاء بعيداً عن العزلة و الاكتئاب
  • تنمية المهارات الأخرى لدى الأطفال كالرسم والموسيقى من أجل إشغال الأطفال عن هذه الألعاب بأشياء أكثر فائدة.
  • إستبدال الألعاب الإلكترونية بألعاب تنمي الخيال والإدراك كالمكعبات وألعاب الرياضة البسيطة مثل تنس الطاولة، وكرة القدم والسباحة. فهذه الألعاب من خلالها يستطيع الطفل أن يعيش حياة مستقرة تنعكس على تكيفه مع الحياة بصفة عامة وبالتالي تجعله طفلاً اجتماعيًا يتوافق مع نفسه وأسرته ومجتمعه.

 

قد يعجبك ايضا