المجلس العالمي للتسامح والسلام

إبتسم… تبتسم لك الصحّة!

د. أنطوان الشرتوني

د. أنطوان الشرتوني

في العصور القديمة، إعْتُبِرَتْ أسباب المرض ثلاث: الجراثيم، موروثات مختلة من العائلة وحظّ سيّء. طبعاً هذه المقولة تغيّرت مع تطوّر العلم خاصّةً بعد الإكتشافات الطبّية التي تطوّرت في الطبّ وأغفلت كلّ المواضيع التي لا يمكن قياسها بالعلم.

ويعني ذلك، أنّ الطبّ إستطاع السيطرة على “سوء الصحّة” من خلال إكتشاف الدورة الدموية والمجهر وغيرها من التقنيات. ولكن حالياً، يعترف الطبّ بأن هناك علاقة وطيدة ما بين حالة الإنسان النفسيّة وظهور “مختلف” الأمراض عند الإنسان. فالتوتر والقلق والإكتئاب والشعور بالذنب، والحزن لمدة طويلة وغيرها من الإضطرابات أو الاحوال النفسيّة تأثّر بشكل مباشر وسريع على حالة الإنسان. وبالتالي السعادة والضحك والشعور بالفرح والإبتسامة والإنفتاح نحو الآخر وقبوله وغيرها تأثر أيضاً على جسم الإنسان وتجعله محصّناً من الأمراض مهما كانت، حتى لو كانت أمراض خبيثة كالسرطان مثلاً.

تأثير العقل على صحّة الإنسان!

فكرة الصحّة تتأثر حسب مزاج الإنسان، ليست جيّدة، بل إنها فكرة قديمة تعتبر بأنّ العقل الإنساني يسيطر ويؤثر على جسده. فالكثير من فلاسفة الإغريق إعتبروا بأنّ حلة المرضى تتحسّن عندما يثقون بالطبيب المعالج وعندما يشعرون بالراحة النفسيّة. كما إعتبر إبن سينا بأنّ حالة الإنسان النفسيّة تأثر بشكل مباشر على حياته الصحيّة.

حالياً، يؤكد “علم النفس العصبي” بأنّ المشاعر الجيّدة والنظرة الإيجابية للحياة تفيد الجهاز المناعي عند الإنسان. والعكس صحيح، عندما تنخر في ذهن الإنسان الأفكار السيئة والسلبية، ذلك يوذي بشكل مباشر صحته الجسدية.

وقد أكد علماء الصحّة على وجود روابط متينة ما بين الجسم والعاطفة. وهنا يمكن تفسير هذه الروابط بمثال بسيط وهو: الإكتئاب لفترة طويلة، ممكن أن يؤدّي إلى آفات صحية : إلتهابات في الجسم، ومختلف الامراض المنيعة للذات (autoimmune) : كالإلتهاب الرئوي.

ولكن كيف يعمل المستوى الدفاعي لمقاومة الأمراض عند الإنسان؟

بشكل بسيط، أنشطة العمل المناعي الدفاعي عند الإنسان، تعمل بشكل متوازن للحفاظ على صحّة الإنسان وتفاديه من الأمراض. ولكن عندما يكون الإنسان حزيناً أو يعاني من الإكتئاب أو من إرهاقٍ ما، تتوقف جميع أنشطة العمل الدفاعي وبالتالي يصبح الإنسان عرضةً لكثير من الأمراض بسبب إنخفاض عمل الجهاز المناعي عنده.

السعادة والصحة!

يختلف مفهوم السعادة عند كلّ إنسان. فبعض الأشخاص يجدون في السعادة راحة البال والتوازن والنفسي والإستقامة في التصرّفات والإحساس بالأمان. كما بعض الأشخاص يجدون السعادة في المنافع الماديّة مثل الحصول على مال كثير أو النجاح في العمل أو حتى في بيت فخم أو سيارة غالية الثمن…
فكلّ شخص يرى السعادة حسب منظوره الخاص. ومهما إختلف تعريف السعادة، يعتبر علم النفس بأنّ الإنسان ليس خاضعاً للسعادة بل العكس صحيح، السعادة هي الخاضعة لإرادة الإنسان.

لماذا يجب أن نكون دائماً سعداء؟

كم من المرّات، عندما نشعر بوعكة صحيّة نشعر تلقائياً بالحزن؟ من هنا، فزيارة صديق محبّ ومضحك أو مشاهدة فيلم كوميدي أو حتى الخروج من البيت للتسكع والمرح يُساعدنا على تخفيف وطئة المرض لدرجة أنه قد يختفي بسحر ساحر.

ممّا يمكن أن يفسّر من خلال التفاعل العاطفي – الجسدي بين الجهاز المناعي والجهار العصبي ويعني ذلك، يطلق الدماغ عند الإحساس بالإنفعال الشديد (الغضب، القلق، الخوف، الكآبة…) إشارات موجّهة إلى عدد من الغدد التي تفرز هورمونات يمكن أن تكبت وظيفة الجهاز المناعي وبالتالي يمكن أن يقع الإنسان في فخ المرض. وطبعاً قدرة الإنسان على الصمود لتقلبات الحياة وتكوينه النفسي، وكيفية إستخدام بطريقة لاواعية آليات دفاعه… كل ذلك يلعب دوراً بارزاً في مواجهة الأمراض.

العلماء في ميدان النفسي والطب النفسي، متأكدون بأنّ هناك علاقة متينة ولا سبيل من إنكارها بين العواطف والمناعة وصحّة الإنسان. لذلك السعادة التي يجب أن يتحلّى بها كل شخص تلعب دوراً بارزاً:

– تجعل الجهاز المناعي قوياً ومبعماً بالدفاعية والنشاط.
– تحوّل الإنسان المفعم بالسعادة لكتلة من النشاط والحيوية ويصبح شخص متفائلاً .
– على الصعيد الصحّي، تمنع السعادة الإصابة بالأمراض كافة.
– الشخص السعيد لا يعاني من اضطرابات أمراض القلب والجلطات الدماغية كما تقوى السعادة عضلة القلب وتمنع خطورة الإصابة بالأزمات القلبية.
– يساعد الإحساس بالفرح بنقاء البشرة التي تصبح خالية من البثور والبقع الداكنة.
– تقلل السعادة من إصابة الشخص بداء السكري.
– كما المزاج الحسن والشعور بالسعادة تنعكس على تصرفات الإنسان الذي يصبح أكثر إسترخاءاً وراحة.
– تقضي السعادة على الارق.
– تعمل السعادة على تقوية الجهاز الهضمي وتسهيل عملية هضم الطعام.

قد يعجبك ايضا