المجلس العالمي للتسامح والسلام

أوّل تخصُّص من نوعه في العالم: ماجستير “وساطة سلام”

قبل سنتين، مرّت مئتا عامٍ على “الحياد السويسري” الذي توافقت عليه الدول الأوروبية في مؤتمر ڤيينا (1814-1815) ثم جرى تثبيته في مؤتمر باريس الثاني للصلح نهاية العام 1815. منذ ذلك الحين، وعلى امتداد القرنين الماضيين، سعت وتسعى سويسرا للتخلص نهائيًّا من إرثها الحربي واستخدام خبرتها في خوض النزاعات، وذلك من أجل المساهمة في صنع وصيانة السلام العالمي والتخفيف من حدّة الحروب والصراعات في شتى أنحاء العالم.

في هذا الإطار، وتعزيزاً لهذا المبدأ المنصوص عليه في الدستور السويسري، كأحد وأهم مبادئ السياسة الخارجية، ومن أجل المزيد من الفاعلية الدبلوماسية في حل النزاعات، انطلق في المعهد التقني العالي الفدرالي في زيورخ مسارٌ دراسي جديد، هو الأول من نوعه في العالم، وذلك لنيل شهادة ماجستير دراسات متقدمة في الوساطة الدبلوماسية من أجل السلام.

ويقوم هذا المسار الدراسي على تعاون وثيق بين المعهد المذكور ووزارة الخارجية السويسرية بالشراكة مع وزارات الخارجية في كل من ألمانيا وفنلندا والسويد وبدعمٍ من منظمات دولية كالأمم المتحدة، والإتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون والأمن في أوروبا، وتبلغ تكاليفه 5.5 مليون فرنك سويسري تتحمل ثلثها الحكومة السويسرية، وقد تَقدم للمشاركة فيه مئة وخمسون متقدمًا لم يُقبل منهم سوى ثمانية عشر هم دبلوماسيون وخبراء عاملون في وزارات خارجية وممثلون لمنظمة الأمم المتحدة.

وتتوزّع انتماءات المشاركين على آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية وكذلك أوروبا، ويستفاد من هذا التنوّع “كون المشاركين يمتلكون بعض الخبرات في مجال الوساطة الدبلوماسية وهم مؤهلون لنقل تجاربهم واستخدام خلفياتهم الحضارية في مجرى الدراسة بشكلٍ نشط”، على حدّ قول البروفسور أندرياس ڤينغر، المشرف على المسار الدراسي الجديد، في حديثٍ أجرته معه الإذاعة العمومية السويسرية الناطقة بالألمانية.

ويتكون منهج التدريس من نموذجين؛ الأول يتطلب حضوراً مباشرا لمدة 15 أسبوعًا يتلقى خلالها المسشاركون 1800 ساعة محاضرات، أما الثاني فيتضمن معالجة ورقتي عمل على مدى عامين دراسيين يسمحان للمشاركين بالإستمرار في مهماتهم من أجل السلام في الوقت الذي يتلقون فيه خبرات جديدة في الوساطة؛ كتحليل الصراعات وتقنيات التواصل ونظريات التفاوض وإبرام عقود السلام. ومن المقرر أن يُشارك في التنفيذ وإلقاء المحاضرات أكاديميون ووسطاء ذوي خبرات عالية وخبراء من وزارة الخارجية السويسرية التي شاركت المعهد في تحديد مواد المنهج الدراسي.

إضافة إلى ذلك، سيتمرّن المشاركون على تأدية الأدوار في الأوضاع الصعبة وينفذون قبل نهاية المنهج مسار وساطة لعدة أيام في ظل ظروف واقعية. وفي هذا الصدد، يقول البروفسور أندرياس ڤينغر في حديثه لمندوب الإذاعة السويسرية: “نقوم ببناء جسر بين العلوم والنظريات والخبرات التخطيطية من جهة والخبرات العملية المكتسبة من مسارات الوساطة من جهة أخرى”.

قد يعجبك ايضا