المجلس العالمي للتسامح والسلام

أحلام اليقظة… خلال يومياتنا

د. أنطوان الشرتوني

 

لطالما إعتقدنا بأن الأحلام اليقظة ليست دلالة لصحة نفسية متزنة. والكثير من الأشخاص يعتبرون بأن أحلام اليقظة هي مؤشر خطير لحياة الإنسان النفسية. ولكن في الآونة الأخيرة الكثيرة من الدراسات لم تأكد فقط بان الإنسان بحاجة لهذه الأحلام بل هي مفيدة له ولصحته النفسية ولكن ضمن ضوابط ومعدل لا يجب تخطيه وإلا ستكون هذه الأحلام مدخل إلى عالم الإضطرابات النفسية. فما هي الأحلام  اليقظة؟ ولما هي مهمة في حياة الإنسان؟ وهل هي مؤشر صحة لأطفالنا الذين يتمتعون بهذا النوع من الأحلام؟

 

ما هي الجوانب الإيجابية والسلبية لأحلام اليقظة؟

تولد عند الإنسان ثلاث أنماط من أحلام اليقظة وهي: إيجابية، سلبية والمشتتة. على الصعيد الإيجابي، أحلام اليقظة تنمي عند الحالم مخيلته، وتفكيره. كما يمكن لأحلام اليقظة أن تساعد الإنسان حل مشاكل اليومية من خلال العالم الإفتراضي الذي يبنيه الإنسان في عقله. فالشخص كثير التأمل تجعل أحلامه أن يحيل كثيراً من المواقف الصعبة والتي تصبح مواقف بسيطة ممكن أن يتحملها.

كما يمكن لأحلام اليقظة أن تقوي شخصية الحالم وتجعله أكثر تكيفاً في بعض المواقف اليومية كما يمكن أن يصبح أكثر تفاؤلاً. أما بالنسبة للسلبيات، فيمكن من ذكرها على الشكل التالي:

  • تؤدي أحلام اليقظة إلى التخفيف من سيطرة الإنسان على مشاعره وعلى أفكاره وعواطفه. فنرى الإنسان كثير الأحلام، يغضب بسرعة قسوة.
  • فقدان التركيز واحدة من النقاط السلبية التي يواجهها الإنسان الحالم وإذا ظل مستسلماً لأحلام اليقظة يمكن أن تؤدي به بعدم التفريق ما بين حلمه والواقع.
  • ضعف الإنتباه بسبب إسترساله باحلامه وبعالمه الإفتراضي.
  • كما إن الاحلام اليقظة تجعل الإنسان ذو شخصية إنهزامية، لا يواجه مشاكل بشكل صحيح وواقعي بل يواجهها بعالمه الخاص.

أما على صعيد أحلام اليقظة المشتتة، فيكون الحالم أسرع سأماً وتشتتاً بسبب المشاهد الذهنية التي تمر في مخيلته تكون عبارة عن صور عابرة ومتكررة.

ماذا عن أحلام اليقظة عند أطفالنا؟

إنّ أحلام اليقظة ليست فقط مهمة في عالم الراشد ولكن أيضاً في حياة الطفل. والأحلام اليقظة تظهر من خلال مخيلة الطفل الخصبة ما بين عمر الثانية والخمس سنوات. خلال هذا العمر، يبدأ الطفل من فهم مكونات الحياة من خلال مخيلته ولحل بعض المشاهد المعقدة والتي يعايشها في يومياته، يبدأ الطفل ببناء احلام اليقظة لإستيعاب ما يراه من حوله وما يكتشفه من مشاعر وضغوط وحتى مشاكل.

ويقلق الكثير من الأهالي خاصة عندما يرون طفلهم يتكلم أو يلعب مع شخص وهمي. وهنا يجب التفريق ما بين الحلم اليقظة والصديق الوهمي ولكن الإثنين يكون من نسيج خيال الطفل. ويجب أن لا يقلق الأهل من هذه التصرفات لأن من الطبيعي أن يكون للطفل صديق وهمي خاصة إذا كان طفلا وحيداً أي لا إخوات أو اخوات له. وأظهرت الدراسات العلمية بأن الأطفال الذين يتمتعون بخيلة خصبة وباحلام يقظة هم أطفال مبتسمون أكثر من غيرهم وأقل شعوراً بالحزن وحتى أنشط من أقرنانهم.

ولكن يجب أن يراقب الاهل دائماً أطفالهم للتأكد من أن أحلامهم اليقظة أو حتى صديقهم الوهمي لا يؤثر سلباً على حياته اليومية.

 

هل الأحلام اليقظة تؤدي إلى أمراض نفسية  أوإضطرابات في الشخصية؟

إن الأحلام اليقظة هي مرحلة من المراحل التي يمر بها الإنسان خاصة في مرحلة المراهقة وهذا لا يعني بأن الشخص الحالم بأحلام اليقظة هو شخص يعاني من إضطراب نفسي أو إضطراب في شخصيته. كما ذكرنا بأن أحلام اليقظة هي جواب للضغوطات التي يعيشها الإنسان خلال يومياته، لذا العلاج الشافي لتخفيف أحلام اليقظة التي عادة لا تجلب سوى الإيجابية لشخصية الإنسان، العلاج هو التخفيف من القلق وتقبل الامور كما هي. فالإنسان في مواجهة يومية تجاه القلق والخوف ويمكن أن يتجنب أو يخفف من هذا الشعور المزعج هي ممارسة الرياضة.

ولكن نجد بعض الاشخاص الذين يبنون عالمهم الوهمي ويعيشون فيه ولا يقبلون الخروج منه، فهذه الحال من “الإستغراق” يمكن أن تؤدي بالإنسان إلى تغيير كبير بشخصيته وبالتالي يمكن أن يصيب الإنسان إضطراب في شخصيته. فالإستغراق في عالم الخيال، يسد حاجة الإنسان لفهم ذاته والبالي قبول شخصيته وطريقة تفكيره.

قد يعجبك ايضا