“غاليوس” كان أول طبيب منذ العصر الإغريقي، الذي أشار بأنّ المرأة التي تعاني من الحزن والقلق و”الإكتئاب”، تُصاب بمرض جسدي أكثر من المرأة المتفائلة. ومنذ ذلك الحين لم تنفكّ الدراسات العلمية أن تحاول إيجاد علاقة المرض السرطاني بالنفس الإنسانيّة وكيف يؤثران على بعضهما؟
وفي أيامنا هذه، لا يمرّ يوماً واحداً، من دون إعلان عن دراسة جديدة عن مرض السرطان وكيفية تجنّبه من خلال الأدوية الكيماوية أو العشبية، أو طريقة العيش الصحيّة.
ما هو مرض السرطان وعلاقته بالنفس؟
يعتبر مرض السرطان من فئة الامراض السيكوسوماتية المعاصرة أي الأمراض النفسجسدية التي تؤثر النفس على الجسد وتساعد من إظهار المرض. ويشكل هذا المرض خطورة كبيرة على حياة الإنسان حيث يصيب أحد أعضائه ويحدث خللاً في تركيب الخلايا. ثمّ تبدأ هذه الخلايا بالتكاثر بشكل غير طبيعي مكونةً نسيجاً عليه الأورام السرطانية.
وأظهرت الكثير من الدراسات بأنّ هناك عوامل نفسيّة ونفسية-إجتماعية تساعد لبروز هذا المرض ومن هذه العوامل التي تمّ دراستها والتأكد من علاقتها مع مرض السرطان:
– الإكتئاب والحزن المزمن والذي لم يتم معالجته أبداً.
– الإضطرابات النفسيّة التي تصاحب الإنسان في كل أيام حياته.
– التغييرات المفاجئة وخاصّة السلبية منها (كالموت – الطلاق – الهجران …)
وطبعاً كلّ هذه الأسباب وغيرها، يمكن أن تكون السبب الثانوي لظهور المرض، إلى جانب مشاكل الطفولة التي يمكن أن تكون واحدة من هذه الأسباب، بحيث نجد أنّ هناك نوع من الصراع النفسي الإنفعالي (قلق – خوف – إستسلام – حزن …) عند المرضى، ولم يُعالج هذا الإضطراب أي لم يتحدّث عنه المريض ولم يذكره بل حاول التغاضي عنه وإنكاره. في هذه الحالة، يمكن للإضطرابات الإنفعالية والنفسيّة أن تأخذ منحىً آخراً يؤدّي إلى مرض جسدي أو لربّما مرض السرطان.
كيف يفسّر علم النفس ظهور مرض السرطان؟
بشكل بسيط جداً، الإنسان هو كائن ينفعل، أي لديه مشاعر وأحاسيس ولديه مركز انفعال مهمّ جداً للتفاعل مع الواقع الخارجي. ويرتبط هذا المركز بعضو معين، يتفاعل معه. ولكن لسبب معيّن خارجي (موت – قلق – إكتئاب – حاجة للعاطفة كبيرة – مشاكل في الطفولة …)، “ينهار” المركز الإنفعالي، ويرسل معلومات خاطئة للعضو الذي يتحكم به وتبدأ عملية إنتاج الخلايا المشوّهة (أي الخلايا السرطانية).
ويعتبر علم النفس بأنّه عندما يبدأ حلّ الصراع (الإنفعال) من خلال حصص العلاج النفسيّ أو ومن خلال حصص المحادثة والتكلّم عن المشاكل الشخصيّة، فإنّ السرطان يتوقف عن النمو.
العلاج النفسي ومرض السرطان!
لا يمكن نكران أهميّة العلاج الطبيّ لمرض السرطان. وينحصر هذا العلاج في 3 طرق وهي الجراحة، العلاج الكيماوي والأشعّة. وطبعاً يبدأ العلاج من خلال الجراحة لمعرفة نوع السرطان أكان حميداً أم لا. فإذا لم يكن حميداً، يبدأ العلاج الشعاعي أو العلاج الكيماوي.
أما بالنسبة للعلاج النفسي الذي يجب أن يترافق مع العلاج الطبي، يمكن أن ينقسّم إلى النقاط التالية:
– الدعم الإجتماعي الذي يترك تأثيراً إيجابياً كبيراً لمرضى السرطان. فهذا النوع من العلاج، الذي يكون عادةً ضمن مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من المرض نفسه، يساعد على مواجهة المرض والشعور بعدم الإستسلام ويحسّن توافق المريض مع مرضه ورفضه للموت.
– خلال حصص التدخّل النفسيّ، يمكن للمعالج إستعمال طريقة التخيُّل الإيجابي، حيث يطلب المعالج من المريض توليد صور عقلية، حسيّة أو إدراكية والتكلم عن هذه الصور وتأثيراها السلبي وطبعاً مواجهتها لحلّ الصراع القائم ما بين المريض وخياله.
– الإسترخاء من أهم التقنيات التي تساعد المريض للشعور بجسمه. والتخيّل خلال الإسترخاء بمهاجة الورم السرطاني وقتله من قبل الجهاز الدفاعي لديه طريقة فعالة لمساعدة المريض. يجب أن يكون المعالج النفسي قد تدرّب على هذا النوع من العلاجات لمساعدة مرضاه لتخطي خوفهم من المرض. إذاً العلاج بالتدليك لمرضى السرطان فعالاً لتقليل الالم والتوتر والقلق والاكتئاب.
– تغيير العوامل النفسيّة والإجتماعيّة، تساعد المريض لعلاجه. وطبعاً في هذا السياق، يطلب المعالج النفسي من مرضاه أن يقوموا بالتدريب الذاتي مثلاً، النظر للحياة بأنها ثمينة جداً، والتعلّق بها… بهذه الطريقة، نساعد المريض ان يكون إيجابياً، وبالتالي نظامه الدفاعي يقوى ويصارع السرطان. لذلك من أهم التوصيات التي نقدمها لمرضى السرطان هي: عدم الإستسلام والتنعّم بالحياة.
– الإبتعاد عن الأشخاص ذوي الشخصيّات السلبيّة وتوسيع رقعة الاصدقاء الإيجابيين والتسكّع معهم لمزيد من التفاؤل بالحالة الوجدانية للمريض. كما أنّ وجود العائلة بقرب المريض ومساندته تدفعه إلى مواجهة المرض وعدم الإستسلام.
– التحدث مع الأخصائي النفسي عن جميع المشاكل والهواجس والصعوبات التي يشعر بها المريض. فمن المعروف، عندما نتكلم عن مشكلة معينة، يُحّل نصفها.