رئيس «المجلس العالمي للتسامح» أحمد بن محمد الجروان لـ«الاتحاد»: الإمارات.. تعايش وسلام في مواجهة الإرهاب
أكد معالي أحمد بن محمد الجروان، رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام، أن جهود الإمارات في نشر قيم التسامح والسلام تعكس الاستجابة في تلبية احتياجات المرحلة الراهنة التي يعيشها العالم، مشيراً إلى أن المجتمع الإماراتي هو الأكثر قبولاً لفكرة التعايش المشترك بين الثقافات والديانات المتعددة، وأشار إلى خطر زيادة الإرهاب في القارة الأفريقية وسعي التنظيمات الإرهابية لتدمير المجتمعات من الداخل، مؤكداً أهمية نشر قيم التسامح والسلام لمواجهة الإرهاب.
وقال معالي أحمد بن محمد الجروان، في حوار مع «الاتحاد» بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد الذي يصادف اليوم الاثنين، إن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال نشر قيم التسامح والسلام عالمياً هي استجابة من القيادة الرشيدة للدولة في تلبية احتياجات المرحلة الراهنة التي يعيشها العالم، مشيراً إلى أن هذه الجهود تعكس قراءة واعية لمعطيات الصراعات التي اشتعلت نيرانها في المنطقة العربية والكثير من مناطق العالم وكيفية مواجهتها وإخماد نيرانها باستخدام القوة الناعمة وإحياء المبادئ الإنسانية.
ووصف معالي أحمد بن محمد الجروان هذه الجهود بأنها «ثمرة ما غرسه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ أن أسس هذه الدولة على التسامح وكان دوماً يوصي المحيطين به بأهمية ترسيخ قيم المحبة والتعايش المشترك بين البشر، كما تعلمنا من الشيخ زايد نقاط الاتفاق مع الآخر وأن نبني علاقات طيبة على هذه النقاط، كما علمنا التغاضي عن نقاط الاختلاف مع الآخر لنتمكن من أن نحيا سوياً في سلام، وحسن الجوار».
وأردف: «لذلك تجد أن المجتمع الإماراتي هو الأكثر قبولاً لفكرة التعايش المشترك بين الثقافات المختلفة والديانات المتعددة، وهي ليست شعارات تردد، وإنما واقع تحيا في ظله 200 جنسية على أرض هذه الدولة».
وقال: «يمكنني أن أصف هذه الجهود بأنها ناقوس خطر دقته القيادة الرشيدة للإمارات لتذكر البشرية بما تعهدت به في ميثاق الأمم المتحدة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تعهدنا في بداية هذه الميثاق بأن نأخذ أنفسنا بالتسامح من أجل إنقاذ الأجيال القادمة من حرب ذاقت مراراتها البشرية مرتين».
وفي ظل تصاعد الأحداث خلال الفترة الأخيرة على مختلف الأصعدة، قال: إن «الإمارات كانت سباقة في قراءة المشهد ولذا قررت أن تبذل كل جهد من أجل نشر قيم التسامح والمحبة بين البشر، ولعل القراءة المتأنية لوثيقة الأخوة الإنسانية التي صدرت من أرض هذه الدولة تعكس الكثير من المعاني».
وحول التحذيرات من خطر زيادة الإرهاب في القارة الأفريقية وخصوصاً في منطقة الساحل مع تزايد المنافسة بين تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، قال معالي أحمد بن محمد الجروان رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام إن «التنظمات الإرهابية أشبه بالأمراض الخبيثة التي تصيب جسم الإنسان وتجعل خلاياه تهاجم الجسم نفسه حتى تقضي عليه، وهو ما تفعله تلك التنظيمات الإرهابية عندما تصيب الشباب فتجعلهم يهاجمون مجتمعاتهم».
وقال: «لو أردت قياس مناعة المجتمعات وقدرتها على مكافحة انتشار التنظمات الإرهابية، عليك بقياس مدى انتشار قيم التسامح بين أبنائها، ولو أردت تعزيز هذه المناعة وتقويتها في أي مجتمع عليك ببذل مزيد من الجهد من أجل نشر قيم التسامح».
وقال: «تلك هي رؤيتنا ورسالتنا في المجلس العالمي للتسامح والسلام لمكافحة آفة التطرف، ونحن نسعى إلى نشر قيم التسامح من خلال التعاون مع مختلف الشركاء من الدول أو المنظمات الدولية أو منظمات المجتمع المدني، ونولي اهتماماً خاصاً بالمؤسسات التعليمية والبحثية، ولدينا عدد كبير من مذكرات التعاون والشراكة مع الجامعات من مختلف أنحاء العالم».
وحول أهمية الاحتفاء بذكرى ضحايا الإرهاب وضحايا العنف القائم على أساس الدين أو المعتقد، قال رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام إن أهمية هذه المناسبات تتمثل في أنها تهدف إلى إحياء القيم الإنسانية النبيلة الموجودة داخل كل إنسان، وتذكر بالمآسي التي عاشها ضحايا الإرهاب والتشدد والعنف، وتؤكد على قيمة العمل الإنساني التي يمكن أن تخفف من آلام هؤلاء.
وقال: «بكل أسف أصف التجاوب العالمي مع هذه القضايا بأنه متواضع إلى حد كبير، والحقيقة أن الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة تبذل جهوداً هائلة من أجل لفت انتباه المجتمع الدولي لمخاطر هذه القضايا الإنسانية، إلا أن التقارير الدولية ترصد زيادة مطردة في معدلات الفقر في الكثير من البلدان، وملايين المهجرين من بلادهم بسبب اشتعال نيران الحروب وتفشي الإرهاب، كما ترصد التقارير زيادة أعداد ضحايا النزاعات وتصاعد العنف الناتج عن أسباب دينية وعقائدية، وكلها مؤشرات تنبئ بأن التجاوب العالمي مع تلك القضايا لا يرتقي للمستوى المطلوب».
وأردف: «العمل الإنساني بكافة صوره وأشكاله سواء كان بتقديم المأوى أو المأكل أو الملبس أو الرعاية الصحية لمن يواجهون الأزمات الإنسانية يجب أن يكون جزءاً من ثقافة أبنائنا في كل مكان».
وحول إمكانية أن تنعم البشرية بسلام حقيقي ومستدام في ضوء الجهود المبذولة عالمياً خلال الفترة الماضية، قال معالي أحمد بن محمد الجروان: «بكل تأكيد من الممكن أن تنعم البشرية بسلام حقيقي ومستدام، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إعمال قوة القانون وليس قانون القوة، ومن خلال تغليب المصلحة الجماعية المشتركة للمجتمع الدولي على المصلحة الخاصة لكل دولة».
وأضاف: «المخاوف التي تزداد في نفوس البعض سببها تبني نظرية أن النظام الدولي كالحديد لا يقبل إعادة التشكيل إلا بعد انصهاره بنيران الحرب، وهي فكرة ثبتت من خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، ولكن يجب أن ندرك أن الوضع اليوم اختلف حيث إن تطور الأسلحة خاصة النووية والمخاطر الجسيمة المحتملة من استخدامها، وما حققه المجتمع الإنساني من مكتسبات خلال العقود الثمانية الماضية في مختلف المجالات تدعو للاستجابة للحلول الدبلوماسية لتسوية أي خلافات دولية مهما بلغ قدرها».
واعتبر معالي أحمد بن محمد الجروان أن التسامح والتغاضي عن بعض خلافات الماضي من أجل حماية المصالح المشتركة وضمان استدامة السلام العالمي أصبحا المسار الأنسب للخروج من المأزق الراهن، وهو الاتجاه الذي يجب أن تدفع نحوه كافة الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي. وأكد أهمية وجود تكتل عربي قوي ترعاه جامعة الدول العربية يدفع نحو هذا الاتجاه ويحاول بذل الجهود من أجل احتواء الأزمات الدولية المتصاعدة ويحافظ على المصالح العربية المشتركة.
المصدر : الاتحاد