د. أنطوان الشرتوني
العدوانية في المدارس هي سلوك يؤدي إلى إلحاق الأذى بالتلامذة أو بالأساتذة، كالإهانة أو الشتم أو كالضرب والعراك كما نجد عند بعض الطلاب أسلوب تخريبي أو عدواني نحو الممتلكات المدرسة أو ممتلكات خاصة بالتلامذة. وعادةً تكون أسباب هذه العدوانية، الأزمات والمشاكل (العائلية – النفسية – الإجتماعية) التي يمكن أن يعاني منها التلميذ. فنجد الكثير من الأطفال الذين لم يتجاوزوا الخمس سنوات، عدوانيين تجاه أصدقائهم أو تجاه مربية الصف. فطبعاً العدوانية لا تعرف سناً أو فئة عمرية أو حتى الجنس، فهي موجودة عند الذكور كما عند الإناث. فما هي أسباب العدوانية بين التلامذة ؟ وما كيفية علاجها؟
يمكن تصنيف أنواع العدوانية في المدارس إلى خمسة أنواع: عدوان لفظي (الإهانة والشتم)، عدوان جسمي (الضرب والعراك)، عدوان على شكل نوبات غضب، عدوان سلبي (العناد، المماطلة، التدخل المتعمد) وعدوان غير مباشر (الاعتداء عن طريق شخص أخر).
… الأسباب؟
هناك أسباب كثيرة يمكن أن تكون سبب السلوك العدواني عند التلميذ. يمكن من تقسيم أسباب سلوك العدواني إلى النقاط التالية:
أولاً، أسباب إنفعالية، كالشعور بالنقص، وكراهية السلطة والغيرة وغيرها من المشاعرالتي تجعل التلميذ محباً للإنتقام من خلال التخريب والعدوانية تجاه التلامذة الآخرين.
ثانياً، أسباب إجتماعية، منها مشاكل عائلية، سلطة ضاغطة، طلاق الوالدين أو سوء معاملة أحد أفراد العائلة للتلميذ تجعله يتأخر مدرسياً ويصبح عدوانياً تجاه رفاقه.
ثالثاً، أسباب نفسية منها عدم قبول الذات، رفض الأساتذة للتلميذ أو عدم متابعة الاهل لطفلهم في المدرسة يمكن أن تساعد التلميذ أن يتحوّل إلى شخص مؤذن وعدواني في الوقت نفسه.
ما هو تأثير السلوك العدواني على التلامذة في المدرسة؟
يلاحظ الأخصائيون النفسيون بأن السلوك العدواني يطبع تأثيرات نفسية كثيرة على التلامذة في المدرسة من كل الأعمار. فلا يمكن من تجنيب تأثيرات السلوكية على عمر معين. فتحت تأثير العدوانية يصبح التلامذة أكثر ميولاً للكذب والخداع، لديهم خوف لا مبرر له كما يصابون بعصبية زائدة مع تشتت بالأفكار والقيام بالعديد من السلوكيات الضارة (تكسير وتحطيم ممتلكات الآخرين، سرقة، عنف كلامي مبالغ فيه، إشعال النيران، عدم مبالاة، تنكيل بالحيوانات،…). أما على الصعيد النفسي، فيجد الأخصائيون النفسيون بعض نقاط الإكتئاب، إنعدام الثقة بالنفس، المزاجية وعدم الإستقرار النفسي.
في المجال التعليمي، الأطفال الذين عايشوا أحد أشكال العدونية، يتدنى تحصيلهم الدراسي، كما هناك غياب متكرر من المدرسة مع الهروب منها وعدم المشاركة في النشاطات المدرسية، بسبب العزلة الإجتماعية التي يعايشها هذا التلميذ.
كيف يمكن من تعديل السلوك العدواني بين التلامذة في المدارس؟
من أهم الخطوات التي تساعد من تقليص العدوانية بين التلامذة في المدرسة، هي التوعية عن العدوانية خلال ندوات التي تمتد خلال فصول السنة الدراسية لإدارة المدرسة والهيئة التدريسية والمسؤولين والمربين والأهالي أيضاً.
هدف هذه الندوات هي التوعية حول موضوع التربية المنزلية والجو العائلي الذي يلعب دوراً بارزاً من تعزيز العدوانية أو إلغائها. ودور العامل الإجتماعي والأخصائي النفسي المدرسي هو معرفة “ما وراء” سلوك التلميذ العدواني وكيفية التعامل مع هذا الوضع ليس بالقساوة بل بالتفهم والإصغاء.
كما تفسير للأهل على خصائص النمو لكل مرحلة عمرية مهم جداً، فكلنا نعرف مثلاً، بأن عمر المراهقة عمر هش لتعلم السلوكات غير المقبولة إجتماعياً بسبب تقليد أقرنائه.
ولا يمكن من نكران المسؤولة الكبيرة التي تقع على عاتق إدارة المدرسة في التربية والتوجيه للتلامذة حول المواضيع الإجتماعية منها العدوانية. وطبعاً إعتماد القدوة الحسنة تجاه التلامذة، ويعني ذلك، الإبتعاد عن النصائح الكثيرة وإستبدالها بالأفعال لكي يتعلم التلميذ بأن من خلال “الفعل الحسن” يمكن من تغيير تصرفاته غير المقبولة. والمربي الصالح هو المربي الذي يكون قريباً من الأطفال من خلال كلمات المشجعة وفيها عاطفة ومودة (وبعيداً عن التصرفات الإصطناعية) والإبتعاد عن الكلمات المحبطة والنقد واللوم المفرط. كما من صفات الحسنة للمربي هو إحترام جميع التلامذة بدون تمييز أو تفريق، وطبعاً الإبتعاد عن المقارنة فيما بينهم.
أما الإخصائي النفسي يلعب دوراً بارزاً في مساعدة الأساتذة للتعرف على حاجات النفسية والاجتماعية لكل مرحلة عمرية وكيفية إشباعها بالأساليب والبرامج التربوية المناسبة منها الموسيقى والرياضة التي تخفف كثيراً من الإحتقان النفسي الذي يشعر به التلميذ. وطبعاً ساعات الرياضة يجب أن تكون مكثّفة لأنها ذات أهمية ليس فقط على الصعيد الصحي للتلميذ ولكن أيضاً على الصعيد النفسي والتنفيس.
كما يمكن من تنفيذ جلسات مصارحة بين التلامذة والطلاب وتنظيم حفلات بسيطة تساعد من تقوية الرابط ما بين الإدارة – الأساتذة – التلامذة.