إنطلقت الطفلة الأفغانية مدينة مع عائلتها في رحلة الهجرة هرباً من الواقع القاتم في بلدها، قاصدين بريطانيا، لكن الفتاة لن تبلغ وجهتها أبدا، فقد انتهى بها الأمر في قبر في صربيا.
في مسار الهجرة الأوروبية لم تكن الطرقات سالكة دوماً أمام هذه الأسرة الأفغانية، فقد أعادتهم السلطات الكرواتية ذات ليلة ومنعتهم من مواصلة الرحلة، فسلكوا طريق العودة متّبعين خطّ سكّة حديد، كما تروي والدتها مسلمة الحسيني.
وتقول هذه السيدة البالغة من العمر 38 عاماً “سمعنا ضجيجاً كبيراً، كان قطار فقد جاء مسرعاً من ورائنا”.
في مدينة سيد الحدودية في شمال صربيا، ترقد الفتاة البالغة من العمر 6 سنوات في مقبرة أرثوذكسية إلى جانب رفات 3 أشخاص من المهاجرين أيضاً.
ورغم إقفال الحدود مطلع العام 2016، ظلّت طريق البلقان مسلكا للمهاجرين، وجاءت حادثة موت الطفلة التي دهسها القطار “لتذكّر الاتحاد الأوروبي والسلطات المحلية بأنّ الناس لا زالوا في خطر في البلقان”، بحسب أندريا مونتينتا من منظمة أطباء بلا حدود التي تندّد بطرد المهاجرين بشكل عشوائي.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أنّ 143 مهاجراً قضوا بين تركيا والاتحاد الأوروبي بين مطلع العام 2017 وشهر تشرين الثاني/نوفمبر، منهم من غرق ومنهم من قضى بحوادث سير وآخرون صعقتهم الكهرباء على أسطح القطارات، ومنهم أيضا من انتحر.
“هل هذه هي لندن؟” يطرح رحمات شاه الحسيني البالغ من العمر 39 عاما نفسه أرضا في الموقع المتجمّد الذي دفنت فيه ابنته، ويعرض من هاتفه صورا لها، ويقول “هذه الصورة قبل مقتلها بيومين”.
كانت الطفلة تسأل أهلها باستمرار “هل وصلنا؟ هل هذه هي لندن؟”، كما يروي هذا الرجل المحزون الذي فرّ من بلده بسبب تهديدات واجهها لأنه عمل مع الأميركيين.
هربت العائلة إلى إيران، ثم تركيا وبلغاريا، قاصدين العمق الأوروبي، لكنهم افترقوا بعد ذلك فأخذت زوجته الأطفال الخمسة لأن المال لم يعد كافيا ليواصل الجميع رحلتهم.
عند الساعة الرابعة عصرا من ذلك اليوم، كانت عائلة الحسيني تلتقط أنفاسها في منزل مهجور قرب الحدود، ثم تجاوزوا الأسلاك الشائكة ليدخلوا الأراضي الكرواتية.
بعد ذلك دهمتهم قوة من الشرطة، وقالت لهم مسلمة إنها تطلب اللجوء، ثم توسّلت إليهم أن يؤجلوا طردهم إلى طلوع شمس الغد حتى يرتاح أطفالها من عناء السفر، لكنهم اقتادوهم إلى الحدود ووضعوهم قرب سكّة للقطار.
غير أنّ وزارة الداخلية الكرواتية تنفي هذه الرواية وتؤكد أنّ مسلمة قرّرت بنفسها أن تعود إلى صربيا بعد الحادث.