المجلس العالمي للتسامح والسلام

تمضية عطلة… من دون الأطفال!

د. أنطوان الشرتوني

د. أنطوان الشرتوني

من المفيد تمضية نهاية أسبوع مع الزوج في مكان هادىء على شاطىء البحر أو في فندق وسط غابة أو زيارة بلد لا تعرف عنه شيءً… ولكن بعض هذه المشاريع تتوقف بوجود الأطفال. فنسمع دائماً الام تقول: “يجب أن يبقى أطفالي بقربي! أنا أخاف عليهم” أو نسمع الأب يقول: “لا يمكن أن أثق بأحد للإهتمام بهم!”، ولكن في الوقت نفسه، يتمنى الوالد والوالدة معايشة المشاعر التي جمعتهما في بداية علاقتهما.
لذلك تتكوّن عواطف ومشاعر متناقضة تتأرجح ما بين الشعور بالذنب والخوف على الأطفال والحاجة لشعور الحب والعاطفة مع شريك الحياة من جديد.

ميزات الإجازة… للوالدين!

يقضي الاب معظم أوقاته في العمل، ليُسدِّد واجباته العائلية من مأكل ومشرب وملبس لزوجته وأطفاله. كما أنّ الأمّ أيضاً أصبحت، مصدراً اساسياً للدخل العائلي كونها عاملة في المجتمع، وبالتالي تهتم بالوضع الإقتصادي في العائلة كزوجها. وبعد سنة كاملة من العمل والإهتمام بشؤون البيت وتربية الأطفال التي توجب الكثير من طاقة الوالدين، من حقّهما أن يأخذا عطلة من كلّ هذه “الضوضاء” العائلية والتربوية على حدّ سواء.
من هنا، فرأي علم النفس واضح في هذا الموضوع: كلّ زواج بحاجة للتجديد، ووسيلته الوحيدة لتحقيق ذلك هي إجازة للزوجين من دون الأطفال وتمضية وقت بمفردهما بعيداً عن كل مسؤولياتهما خاصّة فيما يتعلق بأطفالهما. وكما الزوجان يرعيان أطفالهما، يجب أن يرعى كلّ واحد منهما الآخر.

ومن أهمّ ميزات الإجازة للزوجين هي:
– كسر الروتين اليومي الذي يمكن أن يعايشه أي زوج وزوجة بعد عدة سنين من الإرتباط.
– تمضية أوقات رومنسية بعيداً عن الاطفال.
– الإسترخاء والإستجمام بعيداً عن العمل والمسؤوليات.
– تعبئة طاقات إيجابية بعد السفر للأب وللأم على حد سواء.

وهنا يمكن أن يُطرح السؤال التالي: أين تكمن المشكلة إذا رافق الأطفال أهلهم إلى إجازتهم السنوية؟

طبعاً ليس هناك أية مشكلة على هذا الصعيد. يتعلم الأطفال كثيراً من السفر ومرافقة أهلهم. ولكن تظهر المشكلة بين الزوجين، بحيث أكدت الدراسات العلمية بأنّ وجود الاطفال مع الأهل في أي نشاط، تركز طاقات الوالدين عليهم وبالتالي يفقد الزوجان الإهتمام ببعضهما، وعادة في الاسرة التي لا تهتم الأم فيها سوى بأطفالها، يصبح الزوج مرتبة ثانية في البيت، فتكثر فيها الخيانات الزوجية، لأنّ الرجل يبحث على حضن يجد فيه العاطفة والإهتمام.

الإنفصال عن الطفل والشعور بالذنب…

من أصعب المواقف التي يمكن أن يمرّ بها الأهل هوي أوقات إنفصالهم عن أطفالهم والشعور بالذنب بتركهم في المنزل وإستمتاعهم بالسفر. وذلك يمكن أن يكون سبب يعكّر صفو رحلتهم ومتعتها.

ولكن هذا الإنفصال، لديه وجه إيجابي ووجه تنموي للطفل الذي سيتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر، كونه يجب أن يكون الطفل مستعدّاً نفسيّاً لهذا الإنفصال من خلال:
– الإعتماد على الذات، بعيداً عن وجود الأهل (ولكن تحت مراقبة شخص راشد). علماً، بأنّه ليس هناك عمر محدّد لإعتماد الطفل على ذاته.
– تفسيرات الأهل عن سفرتهم (مكان تواجدهما، إستعمال خريطة الكرة الارضية مثلاً…)
– توجيهات الأم والأب لطفلهما خلال غيابهما (النصائح التي يقدّمها الأهل لأطفالهم).
– عملية الفصل يجب أن تتم بطريقة تدريجية، ويعني ذلك، يمكن كأول خطوة، ترك الطفل لوقت قصير (من نصف ساعة، لساعة واحدة يومياً)، ثم إضافة وقت محدّد كلّ يوم، وصولاً الى تمضية السهرة بالخارج مع شريك الحياة أو قضاء ليلة في فندق قريب من المنزل لكي يستوعب الطفل إبتعاده عن أهله.

بعض النصائح لتهيئة الطفل على الإنفصال عن أهله!

أولاً، ترك الطفل في أيدٍ أمينة. نقطة مهمّة جداً، تجعل كلاّ الطرفان: الاهل والأطفال، مطمئنين نفسياً للإنفصال.
ثانياً، الزيارات المتكّررة إلى مكان تواجد الولد خلال سفر أهله خصوصاً من قبل اشخاص يعرفهم كالجدّ والجدّة.
ثالثاً، تسجيل فيديو للأهل يمكن أن يستعين به المرافق في البيت عندما يشتاق كثيرا الطفل لأهله وخلال وقت النوم.
رابعاً، الإتصال اليومي من خلال وسائل التواصل الإجتماعي. هذا الإتصال يجب أن يكون في وقت محدّد لكي يفهم الطفل بأنّه لا يمكنه التكلم مع أهله ساعة ما يشاء.
خامساً، يمكن مساعدة الطفل من خلال إحضار صور وتذكارات من السفرة. كما يمكن تقديم هديّة للطفل ولكن يجب تفادي إحضار الكثير من الهدايا له تعويضاً عن الشعور بالذنب لأنّه يصبح مهتماً بالهدية وليس بأهله.
سادساً، عدم المسّ بالروتين اليومي للطفل: وقت الإستحمام، وقت النوم، وقت الإستيقاظ…

قد يعجبك ايضا