في عالم يزخر بمصطلحات الكراهية والحروب والعنف والارهاب باتت مصطلحات التسامح والسلام والمحبة التي هي الاساس وعكسها نشاز ، حاجة ملحة وضرورية لعالم جديد لايعاني من الازمات .
ومع ان الكثير من دول العالم تلح في ايجاد مبادرات لتحقيق السلام والوئام بين الشعوب والثقافات والاديان والمذاهب ،،باتت حاجة الشعوب الى التسامح والسلام بين مكوناتها ضرورة تحمل في طياتها اسس التنمية والتطور والتقدم والازدهار في شتى المجالات .
وفي ظل التطور الكبير في عالم الاتصالات والتقنيات والفضاء المفتوح وانتقال العالم من قرية صفيرة الى زقاق او دار صغيرة ، تحول استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام الى سلاح ذو حدين يحمل صورة عن واقع الحياة فالبعض اختار ان يكون ناقلا للكراهية والعنف والتفرقة ، وان يستثمر هذا التطور في دق اسفين بين مكونات المجتمعات واتباع المذاهب والاديان بينما كان من المفترض ان يساهم ذلك بردم الفجوات والاختلافات والتقريب بين الناس ، الامر الذي يتطلب من الجميع التركيز على وضع لوائح سلوك دائمة تحقق المصلحة العامة في دعم قيم التعايش الحضاري والتسامح والسلام .
ووسط هذا الجو المشحون بالقلق من تنامي حالات الكراهية يمثل البرلمان الدولي للتسامح والسلام احد أبرز المبادرات المعنية بالبرلمانات الدولية المختصة في نشر قيم التسامح والسلام ، ومن أهم الهيئات التابعة للمجلس العالمي للتسامح والسلام الذي يرأسه رئيس البرلمان العربي الاسبق احمد بن محمد الجروان ليمثل منظمة دولية تعنى بترسيخ المبادئ الانسانية السامية ونشر قيم التسامح والسلام بين الشعوب والدول وفق توجهات ومبادئ الأمم المتحدة .
وقدم البرلمان الدولي للتسامح والسلام عبر العديد من اجتماعاته افكارا مهمة في مسيرة تحقيق السلام من خلال الدعوة ، الى إنشاء منابر برلمانية تتمثل أهدافها الأساسية في نشر التسامح والسلام في جميع أنحاء العالم وزيادة استثمارات البلدان في مجال التنمية المستدامة ، وضرورة تعزيز العلاقات الثقافية القائمة على الحوار بين الأديان والأعراق من أجل التضامن والتسامح بين جميع الناس ، بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين، والأخذ دائما في عين الاعتبار ضرورة توسيع وتعزيز الائتلافات العالمية لتلبية احتياجات المجتمع المعاصر وهي افكار تسهم واقعا في دعم مسيرة السلام والامن في اغلب بؤر التوتر .
وهناك العديد من دول العالم التي عانت من ازمة ثقة بين مكوناتها لكنها نجحت في عبور المخاطر ، فالتجربة الهندية ماثلة للعيان في وجود دولة مترامية الاطراف وذات كثافة سكانية عالية واديان وطوائف مختلفة ، لكنها رسخت اقدام التعددية وحماية التنوع الثقافي والديني ، وكذلك الحال في جنوب افريقيا التي قدمت هي الاخرى نموذجا في التسامح وتجاوز خطايا الماضي والسير قدما نحو السلام والتنمية والاقدم ، وما يحتاجه العراق الذي ما مر به به من احداث ومازال تجعله بحاجة الى مبادرات خلاقة لتحقيق وترسيخ ثقافة التعايش والتفاهم المجتمعي والمشاركة في كل محفل يحقق تعزيز القيم الإنسانية للتسامح والسلام والعمل بجد للحد من التصريحات التحريضية ، التي لا تسهم في تحقيق السلام المجتمعي والمشاركة بشكل كامل في مكافحة خطاب الكراهية والعنف عبر تشريعات جديدة او تعديل ماهو نافذ منها وانفاذ القانون بعيدا عن المحاباة والمعايير المزدوجة .