المجلس العالمي للتسامح والسلام

اليونسكو: لا يمكن إلقاء اللوم فقط على المعلّم في حال وجود خطأ في النظام

يسلّط تقرير اليونسكو العالمي لرصد التعليم 2017/2018 الضوء على مسؤولية الحكومات لتوفير تعليم جيّد للجميع، ويؤكد أن المساءلة أمر لا غنى عنه من أجل بلوغ هذا الهدف. ويحذّر التقرير، الذي أطلق اليوم، من أنّ لوم أحد الأطراف على نحو خاص بسبب مشاكل تربويّة في النظام ككل قد يتسبب بنتائج سلبية خطيرة وازدياد نطاق أوجه التفاوت ويلحق الضرر بالتعلّم.

وفي هذا السياق، تقول المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا: “إنّ التعليم مسؤوليّة مشتركة بيننا جميعاً كحكومات ومدارس ومعلّمين وأولياء أمور وجهات فاعلة في القطاع الخاص. وإنّ المساءلة عن هذه المسؤوليات تحدّد أداء المعلّمين والطلاب والحكومات كل في مجاله. ويجب أن تصمّم بعناية مع مراعاة مبادئ الجودة والمساولة والشمولية”.

المساءلة في مجال التعليم: الوفاء بتعهداتنا، هو التقرير الثاني في سلسلة التقرير العالمي لرصد التعليم الذي يهدف إلى رصد التقدّم المحرز في بلوغ الهدف التنموي المعني بالتعليم، ويدرس الطرق المختلفة لمساءلة الأشخاص والمؤسسات في ما يتعلّق بتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك اللوائح وآليات الاختيار والرصد والمراجعة والرقابة الإعلاميّة والحركات الشعبيّة.

ويظهر التقرير أنّ إلقاء اللوم على المعلّمين بسبب نتائج الاختبارات المتدنيّة والغياب ليس عادلاً أو بنّاءً. حيث يظهر على سبيل المثال أنّ نصف نسبة الغيابات لدى المعلّمين في أندونيسيا في عامي 2013-2014 تقريباً مرخص بها لأغراض دراسية، وينبغي توفير معلمين بديلين عنهم. وكذلك الأمر في السنغال حيث أنّ 12 يوماً فقط من كل 80 يوم غياب لدى المعلّمين عام 2014 كانت بسبب تهرّب المعلّمين من مسؤولياتهم. وبالتالي، لا يمكن محاسبة أشخاص عن نتائج ما يقوم به أشخاص آخرون.

وفي هذا الخصوص، يقول ‏مانوس أنتونينيس‎، مدير الفريق المعني بالتقرير العالمي لرصد التعليم: “إن استخدام نتائج الطلاب في الامتحانات لمعاقبة المعلّمين والمدارس تزيد من احتمال أن يعدلوا سلوكهم لحماية أنفسهم، ما قد يعني إهمال المتعلّمين الأضعف أداء. يجب البدء بمساءلة الحكومات. فإذا سارعت حكومة ما بإلقاء اللوم على الآخرين، فهذا يعني أنّها تحاول تشتيت الانتباه عن مسؤوليتها بإيجاد نظام تعليمي قوي وداعم.”

في حين أنّ الشفافيّة تساعد على تحديد المشاكل، فإنّ حكومة واحدة من كل ست حكومات فقط تنشر تقارير سنويّة لرصد التعليم. ويجب على الهيئات المستقلّة القويّة مثل أمناء المظالم والبرلمانات وهيئات المراجعة تحميل الحكومات مسؤولية التعليم.

وإنّ النقص في المساءلة يفسح المجال أمام الفساد. ففي الاتحاد الأوروبي في الفترة بين عامي 2009 و 2014، 38% من العطاءات في مجال التعليم والتدريب حصلت على سعر واحد فقط، مقارنة بـ 16% من العطاءات في قطاع البناء، ما يدل على أنّ خطر الفساد أعلى في مجال التعليم مقارنة بقطاع البناء.

كما يؤكد التقرير ضرورة وضع وإنفاذ الأنظمة المتعلّقة بإجراء المناقصات لمنح العقود من جهة ومؤهلات المعلّمين من جهة أخرى. فأقل من نصف البلدان متدنية ومتوسطة الدخل تمتلك معايير للتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة وعدد قليل منهم يمتلك آليات لرصد مدى الالتزام بها. ولا يوجد أي قوانين بشأن حجم الصفوف الدراسية في قرابة نصف مجموع الدول.

ولا تستطيع الأنظمة الحكوميّة غالباً مواكبة التزايد السريع في عدد المدارس والجامعات الخاصة. ففي لاغوس في نيجيريا، 26% فقط من المدارس الخاصة في فترة عامي 2010 و2011 حصلت على ترخيص وزارة التعليم. وفي البلدان التي تفتقر إلى إجراءات اعتماد قويّة، ينهي آلاف الطلاب دراستهم ويحصلون على شهادات غير معترف بها. وفي كينيا وأوغندا، كانت المدارس الخاصة تعمل بدون معلّمين مؤهلين وببنية تحتيّة غير مناسبة قبل وضع الأنظمة وإغلاقها من قبل المحاكم.

وعندما تفشل الآليات الرسميّة، يأتي دور المواطنين الذين يضطلعون بدور هام في محاسبة الحكومات عن مسؤوليتها في منحهم حقهم في التعليم. ففي كولومبيا، حاكمت حملة أطلقها المواطنون الحكومة وانتصرت عليها وتمكنت من الحصول على تعليم مجاني. وفي الولايات المتحدة الأمريكيّة، نجح أولياء الأمور ووسائل الإعلام في إلغاء إنكار التغيرات المناخية من الكتب المدرسيّة، وتمكّن الطلاب في جنوب أفريقيا من وقف الزيادات الكبيرة في الأقساط الجامعيّة.

هذا ويشدد التقرير على أهميّة المساءلة في معالجة الثغرات وأوجه عدم المساواة. وعلى الصعيد العالمي، أقل من 20% من مجموع الدول تضمن، بموجب القانون، 12 عاماً من التعليم المجاني والإلزامي. وهناك 264 مليون طفل وشاب غير ملتحقين بالمدرسة و100 مليون شاب لا يتقنون مهارات القراءة حتى الآن.

ويذكر التقرير أنّ هناك نقص في المساءلة على صعيد الجهات المانحة التي لا تفي بالتزامها بتقديم المساعدة للمحتاجين. حيث انخفض معدّل المساعدات المخصّصة للتعليم على مدى ست سنوات متتالية. وفي نفس الوقت، تطلب الجهات المانحة على نحو متزايد بأن تحقق الدول، مقابل الدعم التي يقدّم لها، نتائج تحوّل الطاقة عن التطورات المنهجيّة في النظام التعليمي.

ولا يمكن لأي شكل من أشكال المساءلة النجاح دون وجود بيئة تمكينيّة قويّة تزوّد الأطراف الفاعلة بالموارد والكفاءات والتشجيع والمعلومات اللازمة لتحقيق مسؤولياتها. وبالتالي، فإنّ التقرير ينص على ما يلي:

1. ينبغي على الحكومات أن تصمم آليات للمساءلة على مستوى المدرسة والمعلمين تكون داعمة وتربوية وتتجنب الآليات العقابية، لا سيما الآليات التي تستند إلى مقاييس الأداء الضيقة.
2. ينبغي على الحكومات أن تعزز حرية التعبير في إطار ديمقراطي يسمح بتعدد الآراء ووجهات النظر، وأن تحمي حرية وسائل الإعلام في تفحص أحوال التعليم والتدقيق فيها، وأن تنشئ مؤسسات مستقلة تتيح للمواطنين التعبير عن شكاواهم من خلالها.
3. نبغي على الحكومات أن تضع لوائح وآليات للرصد تتسم بالمصداقية والكفاءة والفعالية وأن تلتزم بإجراءات المتابعة والجزاءات لجميع الفئات المانحة للتعليم سواء في القطاع العام أو الخاص، عندما لا تستوفى المعايير.
4. ينبغي على الحكومات جعل الحق في التعليم قضية قابلة للتقاضي، وهو ما ليس عليه الحال في 45% من مجموع الدول.

قد يعجبك ايضا