المجلس العالمي للتسامح والسلام

أسباب الغضب والإنفعال وسبل العلاج…

بقلم سيسيليا ضومط

سيسيليا ضومط

الغضب والإنفعال الشديد الذي يؤدي إلى فقدان السيطرة على الذات وخسائر إجتماعية، مادية وعلائقية قد تصل إلى القتل أحيانا كثيرة، بات من الأخبار اليومية على شاشات التلفزة وعلى وسائل التواصل الإجتماعي؛ اعتداء من هنا وجريمة قتل من هناك على خلفية أسبقية مرور السيارة أو بسبب مغازلة فتاة وغيرة صديقها، والنتيجة فقدان خيرة شبابنا في زهرة ربيعهم والسبب هو “نوبات الغضب”.

لماذا يصل بعض الناس إلى هذه المرحلة من الغضب؟ ما الذي يدفعهم للقيام بهذه التصرفات الشديدة العدوانية التي قد تصل إلى القتل؟ وهل يمكن معالجة هذه المشكلة تفاديا لمزيد من الخسائر؟

نلاحظ عادة موضوع الإنفعال والغضب الشديد في حالات الخسائر الكبرى، أي عند حصول جريمة قتل مثلا؛ إلا أن هذه المشكلة يعاني منها الكثيرون في حياتهم اليومية، في العلاقات العامة والخاصة، وهي تؤثر بشكل مباشر، أساسي وفعال على طريقة التعاطي مع الأمور داخل العائلة، فمن يرمي طبقا لأنه يحتاج لمزيد من الملح، هو نفسه الذي يقتل شابا بريئا لأنه نظر إليه بطريقة استفزته.

يخلق الشخص الإنفعالي خوفا منه وتجنبا لردات فعله في نفوس المحيطين، ما يساعده على التسلط عليهم والتعاطي معهم بفوقية. “أقوم بكل ما بوسعي كي ينام أولادي قبل وصول زوجي من العمل مساء، كما أن الطعام يجب أن يكون جاهزا وإلا بدأ يصرخ ويرمي الأواني بما فيها أرضا، يجن جنونه”، تقول مارينا. كما أن أصدقاء روبن أصبحوا يتجنبون الخروج معه لأنه في كل مرة يتسبب بمشاكل وصراعات مع الآخرين غالبا ما تصل إلى الإهانة الشخصية والضرب. أما روبن فيقول:”بمجرد ما أنزعج أفقد أعصابي، ولا أستطيع السيطرة على نفسي، فأقول كلاما جارحا وأبرح الآخرين ضربا دون توقف، إلا أن أكثر ما يزعجني هو أنني أشعر أحيانا كأني فقدت عقلي، حتى أنني لا أميز ما أقوم به لأسباب تافهة، وبعدها ألوم نفسي كثيرا وأشعر بالندم الشديد، حيث لا يفيدني، فقد يكون ما فعلته أحيانا لا يغتفر”.

أسباب الإنفعال الشديد والغضب:

هو حالة سريعة جدا، لا تنتج عن سابق تصميم وتخطيط قد يكون سببها الإحباط النفسي الشديد التعرض للضغوطات الحياتية، الشخصيات العنيفة، كما قد يعاني من ذلك من هم تحت تأثير الكحول والمواد المخدرة.

قد يتسبب الشعور بالدونية وخيبات الأمل المتتالية والفشل بنوبات الغضب . كما أن من شعر بالغيرة الشديدة على شريكه إن بدافع الحب أو بدافع التملك لا يمتلك ردات فعله الغاضبة.

يلعب العامل الوراثي دورا أساسيا في انفجار الغضب لدى البعض، كما لا يمكننا فصل ذلك عن التأثر من خلال التربية ومشاهدة الأحداث، فمن تربى ونشأ على أيدي شخص عنيف سوف يتأثر بذلك بشكل كبير. كما تؤثر البيئة التي يعيش فيها الفرد، خاصة من شهد على ممارسة عنف زوجي بين والديه أو من تعرض للعنف في طفولته، أو حتى في مرحلة المراهقة والشباب، ولا يقل العنف اللفظي والمعنوي أهمية عن العنف الجسدي.

لا يفعل الأهل خيرا عند المبالغة في تدليل أبنائهم المفرط إذ قد يولد الغضب والإنفعال لديهم بسبب عدم تقبلهم الإنتقاد من قبل الغير أو رفض تنفيذ أي طلب لهم. وللعنف والغضب في المجتمعات الذكورية دوره البارز، حيث يتفوق الرجل ويتقدم على المرأة، هو ولي أمرها وصاحب قرارها “رجال بيحقلو كل شي” حتى تعنيفها.

ناهيك عن الفقر والعوز والحرمان، أي عدم إشباع الحاجات الأساسية للمرء من مأكل ومشرب وملبس ومأوى وتعليم، والأهم هو الحاجات العاطفية أي أن يشعر بأنه محبوب ومقبول، ولا يقل أهمية العيش باستقرار وسلام وأمان، بعيدا عن الخوف والقلق .

العلاج:

إن سرعة الغضب والإنفعال تشكل آفة حقيقية في المجتمعات التي عانت من حروب وصراعات متتالية، والتي لم ينج الكثير من مواطنيها من الصدمات النفسية-العاطفية.
أما سبل العلاج فمنها البدائية كمرحلة أولية، ومنها المتخصصة التي قد تكون من خلال جلسات العلاج النفسي أو من خلال الأدوية والعقاقير.

بداية على من يعاني من فرط ردات الفعل والغضب اللجوء إلى المعالجين والأطباء النفسيين طلبا للمساعدة، كما على المحيطين عدم الإستلشاء بما يلاحظونه من عصبية زائدة خاصة لدى الأطفال والمراهقين، بل التوجه إلى الإختصاصيين لتوجيههم وتشخيص الحالة.

بعض النصائح للتخفيف من سرعة الإنفعال والغضب:

– الإعتراف بوجود ردود فعل عنيفة وغضب.
– اتخاذ القرار بالعلاج.
– الإبتعاد عن مثيرات الغضب.
– الإبتعاد عن الأشخاص السلبيين والذين يعانون من الغضب.
– السعي للنقاهة والترفيه.
– اللجوء للرياضة وسماع الموسيقى.
– التنفس والإسترخاء.
– اللجوء إلى الطبيعة.

قد يعجبك ايضا