الأسرة هي المجتمع الأوّل الذي يُصادفه الطفل منذ نعومة أظافره، هي الملجأ والمسكن والبيت الدافئ، هي الحماية والحنان والمحبّة الصافية، هي الصمت والصوت، الفرح والحزن، النجاح والفشل، النور و… النور، النور، النور.
صحيحٌ أنّ الأسرة هي مرآة كلّ طفلٍ، لكن كيف إذا كانت هي عَمودها الثابت، القويّ، الصلب؟
هي الأمّ التي تلد المجتمع بأكمله. طبيبٌ يُداوي الآلام. مهندسٌ يؤمِّن الملجأ، محاميٌ يُدافع عن الإنسان. ضابطٌ يحمي أرض الأوطان. صحافيٌ مرموقٌ يُخبر وجع الناس. مُخرجٌ فنّانٌ يُنسّي العالم همومه. مدرّسٌ يربّي العلم والثقافة. موسيقيٌ يعزف ويغنّي الحبّ والثورة. كاتبٌ ينسج قصصاً مفرحة ومشوّقة. صبّاخ ٌماهرٌ وساحرٌ في ذوقه…
هي الأمّ التي حينما يخرج من أحشائها ويصرخ باكياً، ما من دقّات قادرة أن تُهدئ قلقه غير دقّات قلبها، كي تتحوّل ظلمته بلحظةٍ إلى نورٍ، نورٍ ونور… وكيف إذا كانت القصّة تروي حكاية “بطلة” اسمها “إمّ شادي”؟!
أمٌّ أصرّت على الإنجاب رغم المخاوف الطبيّة والضغوطات النفسيّة الجمّة. أمٌ لزمت الصمت بسكينة وسلام داخلي لا يُوصَف حتى تُحافظ على جنينها في الرحم. أمٌّ صمدت، تألّمت، صرّخت، بكت… وولدت ابنها، لكنّها ما لبثت أن فارقت الحياة. فكم من تضحية أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه من أجل من يحبّ؟
إنّها “إمّ شادي”، إنّها المرأة القويّة التي لا تتكرّر، نَدَهت للموت، تحدّته وقبِلت به من دون أن تسأل أو تتردّد، إنها المِثال الأمْثل في كلّ يوم وعيد ودقيقة ولحظة وثانية، إنّها الأمّ التي واجهت العالم بأسرِه كي يسمع العالم بأسرِه صوت وَلدها…
يُقال أنّ “الأمّ التي تهزّ المهد بيسارها، تهزّ العالم بيمينها”، لكن كلاّ ليست “أمّ شادي”، أتدْرون لماذا؟ لأنها لم تلحق… لكنها من دون أدنى شكّ، هزّت الكيان والقلب والفكر وكلّ ما لا يستطيع العقل البشريّ أن يَستوْعبه!
“إم شادي” العيد عيدك بامتيازٍ، فافرحي وابتسمي واستريحي وارقدي بسلام، لأنّه إذا كان لا بدّ أن يكون لهذا اليوم معنىً، فأنتِ المعنى كلّه…