العائلة هي مجموعة من الأشخاص تتشارك في المنزل الواحد وفي بعض الصفات الوراثية، لكن حالياً، لا يمكننا إعتبار هذا التفسير كافياً، لأنّ العائلة هي أكثر من مشاركة بيت وكروموزومات.
العائلة هي المصدر الأساسي للحبّ والدعم والتشجيع بالنسبة لأفرادها. فلا يوجد أروع من التمتّع بالدفء الأسري الذي يخلق استقرار نفسي عند الطفل وبالتالي شخصيّة متوازنة نفسياً، هذا لا يعني أنّ أفراد العائلة الواحدة لا يجب أن يتجادلون أو أن لا يتخاصمون فيما بينهم، فالاختلاف هو سمة البشر، وكثيراً ما تحدث الخلافات بين أفراد الأسرة الواحدة سواء بين الأبوين أو بين الأبناء بعضهم البعض، ولكن لا يكون هذا الإختلاف جوهرياً ولا يؤدي إلى مشاكل لا متناهية. فكلّ فرد من أفراد العائلة الواحدة يتكوّن من شخصيّة ومن تكوين شخصي وهذا التكوين يختلف من فرد لآخر وبذلك يختلف الفكر ووجهات النظر من شخص إلى شخص آخر في نفس العائلة.
المشاكل بين الزوجين
بعض الأحيان، تظهر مشاكل أساسية في العائلة وأكثرها تحدث بين الزوجين، حيث يشعر الأبناء بتوتر العلاقة بين أبويهم ممّا يعطيهم الشعور بعدم الأمان. وهذه المشاكل تؤثر ايضاً على سلوكياتهم فيصبحون منغلقين على نفسهم أو تظهر لديهم مشاكل بالعلاقات مع غيرهم (العدوانية مثلاً).
وتمّ اجراء بعض الدراسات الدقيقة على عدد من الأسر لتحديد أثر التفاعل الاسري الايجابي بين أفراد الأسرة الواحدة، وعملت هذه الدراسة على 5 محاور لتقييم هذا الأثر هي: استجابة المستمع، الثقة بالنفس، السلوك الاجتماعي الإيجابي، التواصل الفعّال والدفء.
وقد وجدت أنّ الأسر التي تتميّز بالتواصل والمشاركة بين أفرادها تحقق أعلى الدرجات في هذه المحاور، وأبناء هذه الأسر يبحثون عن نفس الصفات الايجابية في شريك حياتهم عند قيامهم بتكوين أسرة جديدة، ممّا يثبت أنّ الدفء الأسري واحتواء الأبناء والاستماع لمشكلاتهم ينتج عنه أسر جيّدة مستقرّة في المستقبل.
النتائج السلبية للنزاعات العائلية
من النتائج السلبية للنزاعات العائلية هو ظهور نوع من عدم الثقة بالنفس من خلال الخوف الدائم من المستقبل. فيصبح الطفل خائف من ما سيحدث في الغد لأنه يسقط مشاعره وأحاسيسه على المشاكل التي يراها أمامه في البيت.
ويصبح عالمه الذي يجب أن يكون عالم مليئ بالحبّ والمحبة والإنسجام العائلي إلى عالم بغيض فيه الكثير من المشاكل والمشاحنات. فهنا تقلّ ثقته بنفسه ويصبح خائفاً من المستقبل لأنّ ليس لديه صورة إيجابية في منزله.
كما تؤدي المشاكل بين الوالدين إلى تحطيم معنويات الأولاد وتتسم في نفوسهم حالات الخوف والهلع والقلق والاضطراب في العواطف. كما تظهر عند هؤلاء الأطفال بعض مشاعر الاثم جرّاء نزاع الوالدين، فيشعر الولد بأنه سبب خلافات أبيه وأمه.
ومن خلال الإختلال العائلي، يظهر نوع من الإختلال في الإنضباط عند الطفل ممّا يؤدي إلى مشاكل في المدرسة ومع أصحابه وإخوته. من هنا، فعدم الإهتمام بهذه الظاهرة يؤدّي إلى الوصول لسلوك إجتماعي منحرف بسبب نزاع الوالدين وسلوكهما غير المتّزن وعلاقتهما غير المنسجمة.
إضافة إلى ذلك، المشاكل العائلية توصل الطفل إلى تكوين شعور عدم الأمان، وبالتالي تكوين نظرة تشاؤميّة عن الحياة ومن الممكن أن تظهر عنده عوارض الإكتئاب. ولا يمكننا من عدم ذكر ردّات فعل الجسم الصغير لهذا الطفل الذي سيهزل، مع اصفرار البشرة أما من الناحية الدراسية، فيقلّ الإستيعاب وعدم التركيز وقلة النوم والعدائية والبكاء وإلى ما هناك من أعراض تجعل الولد فريسة سهلة لظهورعوارض نفسية خطيرة.
كما تظهر عند الأولاد الصغار (ما بين السنتين والثلاث سنوات) عوارض أخرى منها التأخّر بالنطق والمشي والنمو بشكل عام.
فما العمل؟
يجب على الاب والام معرفة بأنهما لا يعيشان وحدهما في البيت بل يوجد أولادهم الذين يسمعون ويتأثرون بكل كلمة أو تصرّف يقومان به. لذلك المسؤولية تقع على عاتق الآباء والأمهات لانهما المسؤولون عن تربية أولادهما وتكوين شخصيتهم.
فدور الأب هو غرس القيم السويّة والمبادئ الإجتماعية في شخصيّة طفلك ليخرج للمجتمع فرد قادر أن يكون قدوة للآخرين كما كان والده له.
أما الأم فهي مسؤولة عن الحفاظ على هدوء في البيت وتربية الأولاد مع الأب بطريقة إيجابية تجعل من الطفل شخصاً يستطيع التصدّي للمشاكل والإستمرار بالحياة مهما كانت صعبة.
كما أنه على الوالدين تأمين مناخ ودّي وإستقرار نفسي لأولادهم من خلال:
1- إظهار الحبّ لأبنائكم فمهمّة الوالدين ليست فقط مقتصرة على تأمين المواد الاساسية من مأكل ومشرب … ولكن يجب على الوالدين أن يستمعان جيداً لمطالب اولادهم.
2- إعطاء الوقت لأولادكم للاستماع الى مشكلاتهم اليومية ومحاولة حلها معهم.
3- إعطاء الطفل الاحساس بالأمان.
4- من أهم المبادىء التي يجب على الوالدين تطبيقها هي وضع قواعد يلتزم بها الطفل داخل المنزل وخارجه. فبهذه الطريقة، يتعلم الانضباط.
5- كلما كان البيت يتمتع بالهدوء، كلما نجد إستقرار ما بين افراده.
6- لا تتشاجروا أو تظهروا توتركم أمام أطفالكم (قدر المستطاع) وتذكروا أنكم لستم وحدكم في المنزل بل هناك أطفالاً يسمعون ويفهمون ويحللون تصرّفاتكم.