المجلس العالمي للتسامح والسلام

العنف المنزلي

د. أنطوان الشرتوني

 

لا تعني فقط  جملة “سوء المعاملة”: العنف الجسدي الذي يتعرض إليه شخصاً، بل يشمل أيضاً العنف المعنوي أي عندما يعنف شخص ما شخصا آخر من خلال الكلمات والإهانات الشخصية والتحطيم النفسي كما يشمل ايضاً “سوء المعاملة” العنف العاطفي والعنف المنزلي والذي نجده بكثرة في عالم المرأة وضمن أسرتها. فما هو العنف المنزلي؟ وما هي أسبابه؟ وكيف يمكننا أن نتعامل مع هذه المشكلة؟

 

قصة العنف الأسري أو المنزلي.

شهدت السنوات الأخيرة إهتماماً كبيراً من قبل المؤسسات والمراكز عناية بشؤون المرأة ومشاكلها. وأظهرت الكثير من الدراسات النفسية والنفسية-الإجتماعية عن تزايد العنف ضمن العائلة الواحدة.

فالعنف الأسري بشكل بسيط هو إيذائة نفسية وجسدية يتعرض له أحد أفراد العائلة الواحدة. وعادة تكون الأم هي ضحية للسخرية والإستغلال والذل وغيرها من الممارسات كالضرب والعنف الجسدي التي يمكن أن تتعرض له المرأة ويتضمن ذلك، الصفع والرفس حتى الضرب على الوجه وصولاً إلى الحرق وإستعال السلاح حتى القتل.

أما على الصعيد النفسي، يمكن أن يتم تهديد المرأة بالقتل وإيذائها أو إيذاء الأطفال إذا اخبرت أحداً. كما يمكن للجاني الذي يكون عادة في إيتصال مباشر للمرأة (الزوج مثلاً)، أن يجبرها على ممارسة الجنس كما يرفض الجاني (الزوج مثلاً)، أن يعترف بحق زوجته في الحصول على المال، أو الحاجة للرعاية الصحية أو إجبارها على البقاء معزولة، أو حتى العمل خارج البيت.

وينتج عن هذه التصرفات المشاكل على الصعيد الصحي، على الصعيد النفسي وعلى الصعيد الجنسي.

 

المشاكل النفسية والعنف الإسري.

الكثير من المشاكل قد تنجم من العنف الأسري ولا يمكن من حصيها. يكفي بأن العنف الاسري يؤدي إلى مشاكل نفسية وقلة ثقة بالنفس وغيرها. ولكن لنبدأ بالتكلم عن المشاكل المباشرة التي تنجم من العنف مثل الجروج على كل أقسام الجسم وحتى الوجه. الرضات التي تبقى آثارها موجودة ليس فقط على الجسد لمدة أيام ولكن في النفس لمدى العمر.

أما المشاكل النفسية التي يمكن أن تكون ناجمة من العنف المنزلي فهي: الخوف من كل شيء وعدم الثقة بأي شخص وبأي إنسان. الإكتئاب والقلق من السمات الأكثر خطورة التي يمكن أن تشعر بهما المرأة المعنفة. وطبعاً بسبب الإكتئاب والقلق المتلازمين مع المرأة التي تعيش مع رجل عنيف، ينتج عن ذلك، الأمراض نفس-جسدية وبالتالي الأضرار الصحية. فالكثير من الامراض الجسدية تظهر بسبب الإضطراب النفسي والقلق. أما المشكلات الجنسية التي يمكن أن تمر بهم المرأة المعنفة منها التعنيف الجنسي والإجبار على ممارسة الجنس والإجهاض وطبعاً الأمراض المنقولة جنسياً.

 

ولكن لما يلتجيء بعض الرجال لتعنيف المرأة؟

في الماضي، نادراً ما تشكو المرأة من تعرضها للعنف لأنها كانت تعتبر بأن مسألة العنف هذه هي مسألة خاصة لها ولعائلتها، كما العديد من النساء يرفضّنّ التحدث عن الموضوع خوف من الطلاق أو هجران الزوج. ولكن تطورت الأيام وأصبح غير مقبول أن يتعرض أي إنسان إلى التعنيف مهما كان نوعه. وهناك كثير من الأسباب تجعل الرجل عنيفاً تجاه المرأة، من هذه الأسباب:

  • الثقافة الذكورية حيث يعتبر البعض بأن العنف طريقة مقبولة لمعالجة الخلافات. فبعض الرجال يعتبروا بأن تعنيف المرأة أمر طبيعي ومقبول إجتماعياً. لذا يعالجون مشاكلهم بالضرب.
  • في بعض العائلات، مبدأ التعنيف مقبولاً في أعرافهم، خاصة عندما ينشأ الطفل في بيت تعنف فيه والدته، ويتعلم العنف من والده. فعندما يكبر هذا الطفل، سيعنف زوجته كما كان والده يعنف الأم. ولكن لا يمكن أن نعتبر ذلك عتقدة تطبق على كل الأشخاص الذين كانوا شهوداً للعنف الاسري.
  • يرى بعض الرجال في العنف طريقة مثلى لإخضاع المرأة لرغباتهم وطلباتهم. كما يعتبر البعض بأن يجب أن تكون المرأة خاضعة لزوجها ولا تناقده بأي مطلب. فهذا سبب كبير يجعل من الزوج وحشاً يفترس زوجته كلما عارضته.
  • كما بعض النساء تقبلنّ بالعنف لأسباب كثير منها: الفقر أو لا حتى بيت يأويها. كما يخفنّ بعض النساء من تربية أطفالهنّ بدون أب. فتتحملّ المشاكل والإهانات والضرب، فقط لإبقاء الوالد في البيت. كما بعض النساء يعتبرنّ بأن ضمن الزواج، “التعنيف” من الزوج تجاها. ولا يتذمرنّ من الوضع وصولاً بأن بعضهنّ لا ينزعجنّ من العنف الموجه تجاهنّ.

 

 

 

كيفية التعامل مع مشكلة التعنيف؟

بعد التعنيف، غالباً ما تتولد عند المرأة مشاعر سلبية وقلة ثقة بنفسها وخوف مستمر وغيرها. لذا كأخصائيينأو كأهل أو حتى أصدقاء للمراة يجب أن نتبع النقاط التالية:

  • تفسير للمرأة بأنها ليست المسؤولة عن العنف. فالإطمئنان والتفسير يساعدان من تخفيف حدة المشكلة للوصول إلى حل منطقي ومقبول.
  • كأخصائيين، يجب الإنتباه إذا كانت تعاني المرأة من الإكتئاب أو مشاكل نفسية أخرى بسبب سوء المعاملة.
  • يجب على المرأة أن تقرر ما الذي يجب أن تقوم به لحمايتها من هذا العنف وحماية عائلتها. وهنا دور المؤسسات التي تعنى بالمراة وبالعنف الأسري. كما دور المراكز الصحية والنفسية لمساعدتها لتخطي مشكلتها. ولا يجب أن ننحل محل المرأة في إتخاذ أي قرار حول حياتها مع زوجها والعيش معه أو تركه.

 

وماذا لو طلب الرجل الذي يعنف زوجته المساعدة؟

القليل من الرجال الذين يمارسون العنف على زوجاتهم، يطلبون المساعدة في هذه المشكلة. فطبعاً يجد الرجل دائما عذراً لتصرفاته غير المقبولة. ولكن إذا طلب مساعدة، فكيف يمكن من مساعدته:

أولاً، لا يجب ان لا ننحاز لأي طرف ومن المهم أن نفسّر له بأن الضرب غير مقبول بأي شكل من اشكاله كما غير مقبول أي نوع من العنف، لأن العنف يخلق عنف أكبر بين مختلف أعضاء العائلة.

ثانياً، يجب التقصي إذا كان الرجل العنيف، يعاني من مشاكل نفسية أو مشاكل صحية تجعله شخصاً عنيفاً غير قابل بضعفه وبمشاكله.

ثالثاً، التأكد بان الرجل لا يعاني من أي نوع من الإدمان (مخدرات – كحول…)، وإلا يجب توجيهه إلى مؤسسة تهتم بالأشخاص الذين يعانون  من المشكلة.

رابعاً، العمل مع الأخصائيين النفسيين حول موضوع  الضغب وكيفية السيطرة عليه والتعامل معه بشكل أفضل.

 

قد يعجبك ايضا