المجلس العالمي للتسامح والسلام

السلام يتسرّب من قلوبنا إلى من حولنا

بقلم سيسيليا ضومط

ننتظر جميعاً أن يعمّ السلام العالم، نطمح لذلك وغالبا ما نتشارك هذا الموضوع في أحاديثنا؛ فقد تعبنا من الحروب والمآسي والأوجاع. أرهقتنا صور الحروب والدماء في نشرات الأخبار وعلى وسائل التواصل الإجتماعي. تتزايد وتيرة الصراعات والحروب في كل بقاع الأرض تقريبا، واشتعال فتيل النزاعات في ازدياد دائم.

ويبدأ السلام من النفوس وليس من الأفعال، من نفسي ونفسك، فلنكتشفه ولنعمل على إظهاره وتأهيل الظروف المناسبة له. والسلام معد، فهو يتنقل بسرعة وخفة من شخص إلى آخر، فنلاحظ بأنه ضيف دائم على عائلة معينة، وعدو لدود لمجموعات وعائلات أخرى.

ترى كيف ننمي السلام في داخلنا؟ ما الذي يقربنا منه؟ وما يبعدنا عنه؟ وكيف السبيل لننشره من حولنا فنعيش جميعنا بعيدا عن النزاعات والكره والبغض؟

هل تخيلتم يوما أنكم تعيشون في عالم لا حقد فيه؟ هل تمنيتم لو أن المشاكل تختفي إلى الأبد؟ هل حلمتم بالحب يغمر الجميع من حولكم دون استثناء؟ الأمر كله في يدكم.

إنّ العيش بسلام منة من الله، قلة من الناس ينعمون بها؛ بالرغم من بساطة وتواضع الأشخاص المعنيين. إذا، لو أردتم السلام إبحثوا عنه في داخلكم. من الواضح أن كفة الطمع والسلبية والعدوانية، كفة الحروب الدموية والإرهاب راجحة في أيامنا هذه؛ فإذا أردنا العودة إلى الوراء ليس حضارة وفكرا، بل إنسانيا، علينا أن نعي أن السلام يتركنا عندما:
– تتملكك روحنا المنافسة الغير شريفة والغيرة من المحيطين بنا في البيت والمدرسة والعمل.
– يسيطر علينا الطمع والجشع، حين نريد أن نمتلك كل شيء بمنتهى الأنانية غير آبهين لجائع ومحتاج من حولنا؛ حين نأكل ونلبس بترف وأبناء الإنسان يبحثون عن فتات خبز لإبقاء أولادهم على قيد الحياة.
– نحن بعيدين عن السلام عندما نترك العنان للغضب والإنفعال يتحكمان بنا، فندمر ما استطاعت يدانا.
– من أين يدخل السلام قلبنا عندما نتناقل الشائعات والكلام المسيء من شخص إلى آخر، عندما لا نستطيع أن نكون إلا مرسال شتائم وأذى؟
– من يريد السلام عليه أن يتواضع، أن يبتعد عن الإدعاء والمظاهر الخداعة والكاذبة؛ أن يقبل الملاحظة بطيبة خاطر.
– أن نحترم أخانا الإنسان فلا نظلمه، ونتعامل معه بحسب العدالة الإجتماعية والمساواة، فلا نذله إذا انخفضت أرقام حسابه المصرفي.
– لننعم بالسلام علينا أن نعرف معنى الرضا والقناعة، لأننا كلما عرفنا عمق ذلك ابتعدنا عن التوتر والقلق. علينا أن نؤمن بالله الخالق، كي نتحرر من الخوف على الغد وما بعده.
– لو أردنا السلام في قلوبنا لتمكنا من الإعتذار والإعتراف بخطئنا، خاصة ممن هم دوننا مرتبة.
– لنجد السلام في داخلنا علينا أن نتوقف عن الزحف وراء مصالحنا الشخصية، أن نحفظ المبادىء والقيم، أن نبتعد عن التسلط والعدوانية.

إذا كنا نرغب بنشر السلام علينا بالإكثار من الود والحب والمسامحة. لنزرع الطاقة الإيجابية من حولنا فتثمر حوارا وتقبلا للآخر، تفهما لظروفه والمرحلة التي يمر بها. لنتعامل مع أخينا الإنسان برحمة وعدل، لنسمح للثقة بأن تنمو في قلوبنا. لنخرج من دائرة المشاكل التي تواجهنا ونبحث عن الحلول البناءة.

للعيش بسلام على كل منا أن يبحث عن الحق وينطق به، وبذلك نكون أحرارا. ليست الأسلحة والصراعات الدولية ما يمنعنا من العيش بسلام، إنها قلوبنا هي التي تسمح للسلبيات بالسيطرة عليها وعلى العالم.السلام يتسرّب من قلوبنا إلى من حولنا فينتشر في العائلة والمجتمع ومنه إلى العالم أجمع.

قد يعجبك ايضا