المجلس العالمي للتسامح والسلام

الاضطرابات النفسية-جسديّة عند التلاميذ في المدرسة

د. أنطوان الشرتوني

د. أنطوان الشرتوني

الإضطرابات النفسيّة-جسديّة هي مشاكل صحيّة، سببها نفسيّ. فندما يقلق شخص من “شيء ما”، ولا يعبّر بطريقة واضحة وشفّافة عن قلقه، يترجم هذا القلق من خلال الإضطراب الجسدي: وجع معدة، قلة النوم، تقيؤ، إسهال، وجع الرأس… وصولاً إلى مشاكل صحيّة وأمراض عضوية خطيرة. وليس فقط الشخص الراشد هو الذي يعاني من هذه الإضطرابات، ولكن أيضاً الطفل يمكن أن يعاني منها خصوصاً التلميذ بعد رجوعه إلى المدرسة والقلق الذي ينتابه بسبب الإمتحانات…

الاضطرابات النفسية – جسدية والتلميذ!

النضوج النفسي عند الاطفال يمرّ بمراحل عديدة، ويتفاوت بين طفل وآخر، كما يختلف بإختلاف عمر الطفل وعلاقته بمحيطه وبيئته.
انّ قدرة الطفل على التعبير عن قلقه لفظياً والتعبير عن مخاوفه يشكلان عاملين اساسيين في تجنّب الاضطرابات الصحيّة؛ فأيّة مشاكل نفسيّة يمكن أن تعترّض اليها الطفل، تؤدّي الى خلل في الجهاز المناعي لديه وبالتالي تؤثر تأثيراً مباشراً على صحته الجسديّة، كما أنّ عودة الطفل الى المدرسة يمكن أن تزعزع استقراره النفسي ويصبح معرّضاً الى القلق و التوتر الشديد. في حين يتمكن بعض الأطفال من التأقلم السريع مع هذا التغير، فقد تظهر عند آخرين اضطرابات نفسيّة – جسديّة ظهر، بداية، في الجسد، على الشكل التالي:

– أوجاع في البطن وغثيان
– التهاب اللوزتين
– إضطراب في الجهاز الهضمي
– صداع وآلام جسدية لا تفسيرات لها…

ويمكن أن تظهر عوارض وأمراض مزمنة، كالربو والحساسيّة.

أما على الصعيد السلوكي، يعاني الطفل من الإضطرابات النفسية-جسدية، فيصبح طفلاً عصبيا، وعدائيا أو منزويا، كما تظهر عنده إضطربابات بالنوم، مصحوبةً بالكوابيس وصرير الأسنان، التبول غير الارادي في الليل… كما يمكن أن يعاني الطفل من عادات كان قد تخلّص منها، مثل مص الإبهام وقضم الاظافر…

الأهل وإضطراباتهم النفسية-جسدية

دخول الطفل الى المدرسة يخلق مخاوف عند كلا الوالدين، كما عند الاطفال. وتتجسد هذه المخاوف عند الأهل باضطرابات نفس جسدية عديدة، من أبرزها اضطراب في الجهاز الهضمي وصداع وأرق وتوتر وارهاق… وهي اضطرابات غير إرادية ناتجة عن عدّة عوامل مدرسيّة ، منها:
– الابتعاد عن الطفل
– تقييم الطفل ومقارنته مع الآخرين؛
– الالتزامات اليومية و المالية المستحقة.
ولا تشكل المدرسة وحدها العامل الأساسي في ظهور تلك الاضطرابات، اذ غالبا ما تتصاحب الاضطرابات النفس-جسدية مع عدة مشاكل شخصية ومهنية وصحية تؤدي الى ظهورها لفترة محدودة عند الأهل.

ما هو دور الوالدين؟

يلعب الوالدان دورا اساسيا في تخفيف الاضطراباث عند أطفالهم، لذا، يتوجّب عليهم عدم نقل قلقهم ومخاوفهم ومعاناتهم المدرسية السابقة لاطفالهم، كما يتوجّب عليهم الانتباه الى الاشارات النفس – جسدية المذكورة سابقا، وعدم التقليل من أهميتها، إضافة الى تحديد وقث ظهورها ومدتها الزمنية والتغيرات المؤلمة الثي سبقتها، و قد يساعد ذلك في التمييز بين قلق موقّت أو صعوبة في التكيف مع الواقع الجديد. كما يجب على الأهل، مساعدة الطفل في ايجاد وحده حلول لمشاكله عبر اتباع الخطوات التالية:

– الاستماع الى الطفل وتشجيعه على الكلام وعدم الاستهانة بما يعبّر عن قلق وخوف والدخول بحوار عميق مع الطفل وعدم الاكتفاء بالأسئلة السطحيّة.
– محاولة تحديد مصدر القلق والتعامل معه بجديّة وموضوعيّة مع كثير من الهدوء. ويمكن أن يكون مصدر القلق من الأصدقاء، أو من الواجباث المنزلية، أو بسبب علاقة الطفل غير المتينة مع معلمته في الصف. ومراجعة أخصائي نفسي مدرسي في حال فشل الأهل في حل الأمور بنفسهما، وظهور العوارض بشكل متكرر.

ولكن ما هي الخطوات التي يجب اتباعها خلال الأيام المدرسية الأولى؟

في السنوات الاولى يجب مرافقة الطفل ومساعدته على التأقلم التدريجي مع محيطه الجديد. لاحقا يمكن خلق مناخ إيجابي للطفل عبر تزويده بالتو جيهات اللازمة، ودفعه الى مواجهة محيطه الجديد بشكل مستقل؛ فالقلق الزائد بحد ذاته، يشكل خطراً كبيراً على ثقة الطفل وبالتالي قد يؤثر سلبا على نضوجه النفسي.

قد يعجبك ايضا