هي من أكثر الصعوبات التعلمية إنتشاراً بين الاطفال، والكثير من الدراسات العلمية إهتمت بهذا الموضوع، الذي تمّ التطرّق إليه من خلال الطبّ وعلم الأعصاب وعلم النفس. عسر القراءة المعروف أيضاً بمصطلح “ديسليكسيا” Dyslexia.
معظم الأطفال الذين يعانون من هذه الحالة، يجدون صعوبة كبرى في فهم الحروف التي تؤلف الكلمات كما يجدون صعوبة أخرى في لفظ وربط أصوات الحروف في اللغة لتشكيل كلمة واحدة مفهومة. لذا يجد الأطفال صعوبة كبرى في فهم وتهجئة الحروف التي تؤدي إلى عجز في ربط بين الحرف وصوته.
عسر القراءة… وتقصّيها
عسر القراءة أو الديسلكسيا تعني صعوبة في القراءة. إستُخدم هذا المصطلح لأول مرة سنة 1872 على يد طبيب أعصاب فرنسي وهو “بيرلين” الذي عرّف هذه الحالة التي تؤدي إلى خلل كبير في الدراسة عند التلميذ، بما أنّ القراءة هي أساسية لإستيعاب المواد المختلفة عند التلميذ.
يمكن تعريف “عسر القراءة” على أنه صعوبة مستمرّة وشديدة في تعلم القراءة، على الرغم من توفر الذكاء عند الطفل خارج نطاق أية إعاقة عقلية. وإضطراب القراءة يمكن أن يكون ذات منشأ عصبي أو نفسي.
كما أكدت الدراسات العلمية بأنّ عسر القراءة غير مرتبط بعوامل عائلية، بيئية عرقية، جغرافية أو ثقافية . ويتمّ تشخيص هذه الحالة، بعد مرور حوالي ستة أشهر من الشروع في تعلّم القراءة. وهي تصيب حوالي 1 إلى 8 % من الأطفال الذين يذهبون إلى المدرسة.
ويمكن للأم إكتشاف طفلها أو المربيّة في المدرسة إكتشاف التلميذ الذي يعاني من عسر القراءة من خلال النقاط التالية:
أولاً، التأخر في النطق كما نجد عند بعض الأطفال، عدم الكلام بوضوح، حتى لو أصبحوا في عمر مناسب للكلام. الخلط بين حروف الكلمات: قلب، حذف أو إضافة حرف أو حروف لكلمات أو لجمل. كما نجد عند بعض الأطفال إضافة كلمات غير موجودة أصلاً في النص، أو حذف كلمات موجودة.
ثانيا، تكرار بعض الكلمات أكثر من مرّة في نص من دون أي مبرر ظاهر (مثلاً: مشاكل في النظر) أو إبدال بعض الكلمات بكلمات أخرى.
ثالثاً، عند قراءة نص، نجد عند بعض الأطفال صعوبة في الإنتقال من نهاية السطر، إلى بداية السطر الذي يليه. أما بالنسبة للكتابة، فبعض الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة، لديهم رداءة في الخط، أو لا يستطعون الكتابة بشكل مستقيم على السطر…
رابعاً، على الصعيد السلوكي، بعض الأطفال يعانون صعوبة في احتفاظ الأشياء في اليد. وذلك يؤثر بطريقة مباشرة في تنفيذ بعض الامور في حياته اليومية كإرتداء الملابس أو ربط الحذاء…
خامساً، عادة يترافق مع عسر القراءة، عسر الكلام وعسر الحساب وعسر الإملاء وغيرها من الصعوبات التعلمية.
ماذا عن الاسباب النفسيّة؟
لا يوجد سبب واحد مباشر يمكن أن يؤدي إلى عسر القراءة. بل هناك العديد من الاسباب. ولكن قبل التطرق للأسباب النفسية لعسر القراءة، يجب ذكر الاسباب الفيزيولوجية والأسباب اللغوية لظهور هذا الإضطراب:
– أسباب فيزيزلوجية: إعتبر أطباء الأعصاب بأنّ التركيبة الدماغية للطفل السوي مختلف عن الطفل الذي يعاني من عسر القراءة. فإنّ منطقة اللغة بالدماغ لدى الأطفال المصابين بعسر القراءة في النصف الأيسر، أصغر و أقل في عدد خلاياها من الأطفال الذين لا يعانون من أية مشكلة في القراءة. كما أكدوا علماء الوراثة بأنّ 50% من حالات عسر القراءة لديهم أقارب يعانون أيضاً من الإضطراب نفسه.
– خصائص اللغة، ونظام الكتابة وطرق تعليم القراءة والكتابة عوامل مساهمة في ظهور عسر القراءة لدى الأطفال.
أما الأسباب النفسيّة والذهنية التي تساعد في ظهور عسر القراءة هي:
– بشكل عام، الخوف والقلق لفترة طويلة يؤثر على الطفل وعلى إنتاجه العلمي.
– المشاكل العائلية المتكرّرة تؤثر على صورة ذاته وعلى شعوره بالأمان.
– إضطرابات اللغوية التي تؤثر على قاموس الطفل اللغوي وعلى قدرته لإستعمال جميع الكلمات التي تعلمها. كما الأطفال الذين يعانون من بعض إضطرابات االصوت، يعانون أيضاً من عسر القراءة.
– إضطراب الإدراك السمعي وإضطراب الإدراك البصري، يؤثران تأثيراً مباشراً لأنهما يخدمان عملية القراءة التي يدخل فيها الإدراك السمعي والإدراك البصري.
طفلنا يعاني من عسر القراءة… ما العمل؟
بعد تشخيص عسر القراءة، يجب أن تتبع المدرسة خطة علاجية تربوية مناسبة للطفل. يشارك في إعداد هذه الخطة الأهل والمربي في الصف والإدارة التربوية والأخصائي النفسي المدرسي، ومعالج النطق والأخصائي النفسي – الحركي…
كما يجب على الأهل إتباع النقاط التالية لمساعدة طفلهم الذي يعاني من عسر القراءة:
– توفير جو هادىء لمساعدة الطفل على الإستيعاب. فلا بدّ من الاهل أن يبتعدوا عن الشجارات والصراخ وغيرها من عوامل التي يمكن أن تشوّش وتشتّت إنتباه الطفل.
– مفتاح نجاح الطفل الذي يعاني من عسر القراءة هي أن يتمتع والديه بالصبر وطولة البال.
– كما على الأهل أن يكونوا إيجابيون تجاه طفلهم والتركيز على نقاط القوّة عنده والتعرّف على ميوله المهنية.
– أن يثقف الأهل نفسهم عن إضطراب عسر القراءة وما ينتج عنه من مشاكل دراسيّة.
– خلال مساعدة الطفل في الدراسة، يجب التكلم معه بهدوء ورويّة والتأكد بأنه فهم الأسئلة التي طرحت عليه. كما على الأهل أن يطرحوا الأسئلة المباشرة والإبتعاد عن الأسئلة المعقدة. كما مساعدته في الكتابة من خلال الخط الواضح.
– تشجيع الطفل خلال الدراسة وعدم التقليل من شأنه والإستخفاف من قدراته أو الإستهزاء به.